باب اتخاذ المؤذن أعمى
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت كان ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعمى. (م 2/ 3)
وَظيفَةُ المؤذِّنِ أن يَرفَعَ صوتَه بكلماتِ الأذانِ عندَ حُضورِ وقتِ كلِّ صلاةٍ؛ ليُعلِمَ النَّاسَ بدُخولِ وقتِ الصَّلاةِ، وهذا يُمكِنُ منَ الأعمَى إذا كان معه مَن يُخبِرُه بدُخولِ الوقتِ.
وفي هذا الحَديثِ تَروي عائشةُ أمُّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ عبدَ اللهِ بنَ أُمِّ مَكتومٍ رَضيَ اللهُ عنه -وهو عبدُ اللهِ بنُ قيسِ بنِ زائدةَ القُرشيُّ، وهو ابنُ خالِ خَديجةَ أمِّ المؤمِنينَ رَضيَ اللهُ عنها- كانَ يُؤذِّنُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو أعمَى، فكانوا يُخبِرونَه بدُخولِ الوقتِ، فيَقومُ فيُؤذِّنُ، كما في حديثِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما في الصَّحيحَينِ: «وكانَ رَجلًا أعْمَى، لا يُنادي حتَّى يُقالَ له: أَصْبَحْتَ أصْبَحْتَ»؛ وذلك في وقتِ صلاةِ الصُّبحِ.
وكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اتَّخَذَ بلالًا مؤذِّنًا له في المدينةِ، ثُمَّ لمَّا رأى بعضَ الصَّحابةِ يَعتكفونَ ليلًا في رمضانَ، فيُفاجِئُهمُ الفَجرُ قبلَ أن يَستريحوا، وأنَّ بعضَهم يَصومُ، فيُفاجِئُهمُ الفَجرُ قبلَ أن يَتسحَّروا، وبعضُهم يَغلِبُه النَّومُ فيُفاجِئُهمُ الفَجرُ قبلَ أن يَغتسِلوا ويَتأهَّلوا للصَّلاةِ، اتَّخذَ ابنَ أُمِّ مكتومٍ ليؤذِّنَ الفَجرَ مع بلالٍ، فيُؤذِّنُ بلالٌ قبلَ دُخولِ وقتِه، ليَرجِعَ القائمُ ويُنبِّهَ النَّائمَ، ثُمَّ يَنزلُ من مُرتفَعِه عندَ دُخولِ وقتِ الفَجرِ، فيَرقَى ابنُ أمِّ مَكتومٍ ليُؤذِّنَ، فيَمتنعُ الصَّائمُ عنِ الأكلِ، ويَحضُرُ المُصلِّي للصَّلاةِ، ويُبيِّنُ ذلك روايةُ الصَّحيحَينِ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «إنَّ بلالًا يؤذِّنُ بلَيلٍ، فكُلوا واشرَبُوا حتَّى يُناديَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ».
وفي الحديثِ: أنَّ أذانَ الأعمى صحيحٌ إذا كانَ له مَن يُخبِرُه بالوقتِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ نِسبةِ الرَّجلِ إلى أمِّه إذا اشتهرَ بذلك واحتيجَ إليه.
وفيه: مَشروعيَّةُ وَصفِ الإنسانِ بعَيبٍ فيه للتَّعريفِ، أو مَصلحةٍ تَترتَّبَ عليه، لا على قصدِ التَّنقيصِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ مُؤذِّنَينِ لمَسجِدٍ واحِدٍ.