باب اختلاف المجتهدين في الحكم
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت هذه لصاحبتها إنما ذهب بابنك أنت وقالت الأخرى إنما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما فقالت الصغرى لا, يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى قال قال أبو هريرة والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ ما كنا نقول إلا المدية. (م 5/ 133
ضَرَبَ اللهُ تعالَى الأمثالَ للنَّاسِ لعلَّهم يَعقِلُون ويَتفَهَّمون ما أُنزِلَ إليهم، وكذلك فَعَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بوَحيٍ مِن رَبِّه، فضَرَبَ الأمثالَ لأُمَّتِه ليُنَبِّهَهم بها على استِشعارِ الحَذَرِ، خَوفَ التَّورُّطِ في مَحارمِ اللهِ والوُقوعِ في مَعاصِيه.
وفي هذا الحديثِ يَضرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَثَلًا لشِدَّةِ حِرصِه على هِدايةِ النَّاسِ، وشَفقتِه ورَحمتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهم، وشِدَّةِ عِنادِ النَّاسِ واتِّباعِهم لشَهواتِهم التي فيها هَلاكُهم، فيُبيِّنُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَثَلَه ومَثَلُ النَّاسِ كمَثَلِ رجُلٍ أوقَدَ نارًا، فلَمَّا أضاءَتْ هذه النَّارُ ما حَولَها، جَعَلَ الفَراشُ -جمْعُ فَراشةٍ- والدَّوابُّ التي تُشبِهُ البَعوضَ والجَرادَ ونَحْوَهما، يَسقُطْنَ في هذه النَّارِ المُوقَدةِ، وزاد في رِوايةٍ في الصَّحيحينِ: «فجَعَلَ يَنزِعُهنَّ، ويَغلِبْنَه فيَقتحِمْنَ فيها، فأنا آخِذٌ بحُجُزِكم عن النَّارِ، وهمْ يَقتحِمون فيها»، فحالُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وشَأنُه في دَعوةِ النَّاسِ إلى الإسلامِ، كحالِ المُنقِذِ لهم مِن النَّارِ مع إقبالِهم على ما تُزَيِّنُ لهمْ أنفُسُهم مِن التَّمادِي في الباطلِ والوَقوعِ في المعاصي المؤدِّيَةِ إلى النَّارِ.