باب اصطفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -

بطاقات دعوية

باب اصطفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -

 عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه السلام (1) واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. (م 7/ 58

نَسبُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أشرَفِ أنسابِ بَني آدمَ، وقدْ حَفِظ اللهُ سُبحانه هذا النَّسبَ الشَّريفَ جِيلًا بعْدَ جِيلٍ، حتَّى جاء منه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هِدايةً للعالَمِين، وقدْ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلكَ ليُعظِّمَ النَّاسُ قُرَيشًا وبَني هاشمٍ الَّذين هُم صُلبُ نَسبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ اصطَفَى كِنانةَ، وهو مِن ولَدِ إسْماعِيلَ بنِ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، وصَفوةُ الشَّيءِ: خِيارُه وأفضلُه، قِيل: مَعنى اختيارِ اللهِ تعالَى لمَن شاء مِن خَلقِه: تَخصيصُه إيَّاه بصِفاتِ كَمالِ نَوعِه، وجَعْلُه إيَّاه أصلًا لذلكَ النَّوعِ، وإكرامُه له على ما سَبَق في عِلمِه ونافذِ حُكمِه مِن غيرِ وُجوبٍ عليه، وقدْ قال اللهُ تعالَى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68]، فاللهُ سُبحانه اختَارَ كِنانةَ -وهوَ ابنُ خُزيْمةَ بنِ مُدرِكةَ- مِن جُملةِ أولادِ إِسماعيلَ، واختارَ قُريشًا مِن كِنانةَ، وَهُم أَولادُ نَضرِ بنِ كِنانةَ، كانوا تَفرَّقوا في البِلادِ، وجَمَعَهم قُصيُّ بنُ كِلابٍ في مكَّةَ، فسُمُّوا قُريشًا؛ لأنَّه قَرَشَهم، أي: جَمَعَهم في الحَرمِ مِن حَوالَي مكَّةَ، وقيل: سُمِّيَت قُريشًا بمُصغَّرِ القِرْشِ، وهي دابَّةٌ بَحْريَّةٌ تَخافُها دوابُّ البحرِ كلُّها، وكذلك قُرَيشٌ ساداتُ النَّاسِ جاهليَّةً وإسلامًا، وقيل غيرُ ذلكَ في سَببِ تَسميتِهم قُرَيشًا، وكانت قُرَيشٌ لها في الجاهليَّةِ مَكارمُ؛ منها: السِّقايةُ، والعِمارةُ، والرِّفادةُ، والحِجابةُ، وغيرُها، وكانوا يُسمَّون آلَ اللهِ، وجِيرانَ اللهِ.
واصطَفَى اللهُ عزَّ وجلَّ مِن قُريشٍ بَني هاشمٍ، وهُم بَنو هاشمِ بنِ عبدِ مَنافِ بنِ قُصيِّ بنِ كِلابٍ، ويَنتَهي نَسبُه إلى عَدنانَ، واصطَفاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بَني هاشمٍ.
ونَسَبُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى عَدنانَ مُتَّفقٌ عليه؛ فَهو مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المُطَّلبِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ مَنافِ بنِ قُصيِّ بنِ كِلابِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعبِ بنِ لُؤيِّ بنِ غالبِ بنِ فِهرِ بنِ مالكِ بنِ النَّضرِ بنِ كِنانةَ بنِ خُزَيمةَ بنِ مُدرِكةَ بنِ إِلياسَ بنِ مُضرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدنانَ.
وعلى ذلك فإنَّ اللهَ تعالَى اختارَ مِن النَّوعِ الإنسانيِّ مَن جَعَلَه مَعدِنَ نُبوَّتِه، ومَحلَّ رِسالتِه، فأوَّلُهم: آدمُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ثمَّ إنَّ اللهَ تعالَى اختارَ مِن نُطفتِه نُطفةً كَريمةً، فلم يَزَلْ يَنقُلُها مِن الأصلابِ الكريمةِ إلى الأرحامِ الطَّاهرةِ، فكان منها الأنبياءُ والرُّسلُ، كما قال تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 33، 34].
وفي الحديثِ: اصطفاءُ اللهِ عزَّ وجلَّ لنبيِّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من خِيارِ الأنسابِ.