باب افتتاح الصلاة 4
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد وعبد الله بن عمران، قالا: حدثنا أبو معاوية، حدثنا حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة قال: "سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك" (1).
الصَّلاةُ عَمودُ الدِّينِ وأهمُّ أركانِه، ولا بُدَّ من إقامتِها كما أمَرَ اللهُ على أكمَلِ وَجهٍ؛ حتَّى لا يَقَعَ فيها خَلَلٌ ولا يَتطرَّقَ إليها نقصٌ، وقد حَرَصَ الصَّحابَةُ على تَعلُّمِ أُمورِها وتَعليمِها النَّاسَ؛ فهذا عُمَرُ رَضيَ اللهُ عنه يَجهَرُ بدُعاءِ الاستِفتاحِ في الصَّلاةِ تَعليمًا لِمَن وَرَاءَه، وقَولُه: «سُبحانَك اللَّهُمَّ وبِحَمْدِكَ»، أي: تَنزيهًا لك مَقرونًا بحمدِكَ، أو: وبحَمدِك سبَّحتُك ووُفِّقتُ لذلك، وقيل: قَدَّم التَّسبيحَ على التَّحميدِ؛ لأنَّ التَّسبيحَ تَنزيهٌ عنِ النَّقائصِ، والحمدَ ثَناءٌ بصِفاتِ الكمالِ؛ والتَّخليةُ مُقدَّمةٌ على التَّحليةِ. و«تبارَك اسمُك»، أي: اسمُك كلُّه بَرَكةٌ، «وتَعالَى جَدُّكَ»، أي: تَعَالَت عَظَمَتُك، و«لا إلهَ غيرُك»، أي: لا مَعبُودَ بِحَقٍّ سِوَاكَ.
وقد ورَدَ هذا الدُّعاءُ في السُّنَنِ الأربعةِ من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دُونَ ذِكرِ الجَهرِ بهذا الدُّعاءِ؛ فلعلَّ جَهْرَ عُمَرَ بدُعاءِ الاستفتاحِ كانَ بقصدِ تَعليمِ مَن خَلفَه، كما في مُصنَّفِ عبدِ الرَّزَّاقِ: أنَّ عُمَرَ كانَ يُعلِّمُ النَّاسَ إذا قامَ الرَّجلُ للصَّلاةِ أن يَقُولَ: «سُبحانَك اللَّهُمَّ وبحَمدِك، وتَبارَكَ اسمُك، وتَعالى جَدُّك، لا إلهَ غيرُك».