باب الأكفاء في الدين وقوله: {وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا} 2
بطاقات دعوية
عن عائشة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير، فقال لها: لعلك أردت الحج؟ قالت: والله؛ لا أجدنى إلا وجعة. فقال لها: حجى واشترطى، قولى: اللهم محلى (8) حيث حبستنى، وكانت تحت المقداد بن الأسود.
الاشتراطُ في الحجِّ هو أنْ يَنويَ المُحرِمُ الحجَّ ويقولَ: اللَّهمَّ مَحلِّي حيثُ حَبْستَنِي، أي: إنِّي أكونُ حَلالًا حيثُ مَنعَني مانعٌ مِن إتمامِ الحجِّ والمناسكِ، وفائدتُه: أنَّ المُحرِمَ قدْ يُخشَى أنْ يَمنعَه مانعٌ مِن إتمامِ الحجِّ، كالمرضِ ونحوِه، فيُريدُ أنْ يتحلَّلَ مِنَ الحجِّ إذا حصَلَ له هذا المانعُ دُونَ أنْ يَجِبَ عليه فِديةٌ أو قَضاءٌ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنه لَمَّا دَخلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على ضُبَاعةَ بنتِ الزُّبَيْرِ بنِ عبدِ المطَّلِبِ بنتِ عَمِّ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِي اللهُ عنها، وسألَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن سببِ عدَمِ حَجِّها، فقال لها: «لعلَّكِ أردْتِ الحجَّ؟» يعني: أردتِ الخُروجَ للحَجِّ معنا؛ فإنَّا نحِبُّ أن تتوجَّهي معنا للحَجِّ، فذكَرَت لرسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها تجِدُ نَفْسَها مَريضةً.
فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حُجِّي واشْتَرِطي»، ثم بَيَّن لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما تَقولُه في الاشتراطِ، فقال: «قُولي: اللَّهمَّ مَحلِّي حيثُ حبستَنِي»، ومعناه: أنِّي حيثُ عجزْتُ عَنِ الإتيانِ بِالمناسكِ وانحبسْتُ عنها بسَببِ قوَّةِ المرضِ تحلَّلتُ، ومَكانُ تحلُّلي عَنِ الإحرامِ مكانُ حَبَستَنِي فيه عَنِ النُّسكِ بعلَّةِ المرضِ، وكانت ضُباعَةُ زَوجةَ المقدادِ بنِ الأسودِ رضِي اللهُ عنهما، وهو المِقدادُ بنُ عَمرِو بنِ ثَعلَبةَ بنِ مالكٍ الكِنديُّ، صاحِبُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأحَدُ السَّابِقينَ الأوَّلين، ويقالُ له: المِقدادُ بنُ الأسوَدِ؛ لأنَّه رُبِّي في حَجرِ الأسوَدِ بنِ عَبدِ يَغُوثَ الزُّهريِّ، فتَبَنَّاه. وقد شَهِد بَدرًا والمشاهِدَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان يومَ بَدرٍ فارسًا، وعاش نحوًا من سبعين سنة، مات في سنةِ ثلاثٍ وثلاثين، وصلَّى عليه عُثمانُ بنُ عَفَّان، وقَبْرُه بالبقيعِ.
وفي الحَديثِ: أنَّ النَّسبَ لا يُعتبَرُ في الكَفاءةِ، وإلَّا لَمَا جازَ لِلمقدادِ رضِيَ اللهُ عنه أنْ يَتزَّوجَ ضُباعةَ رضِي اللهُ عنها؛ لأنَّها فوقَه في النَّسبِ؛ فهي بِنتُ أشرافِ القَومِ، وهو كان حليفًا مُتبَنًّى.
وفيه: أنَّ المُحصَرَ يَحِلُّ حيثُ يُحبَسُ.