باب الأكل متكئا

بطاقات دعوية

باب الأكل متكئا

عن أبي جحيفة قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده: "لا آكل وأنا متكيء (وفي رواية: إني لا آكل متكئا) ".

هذا الحديثُ يُوضِّح جانبًا مِن تَواضُعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعدَمِ إقْبالِهِ على الدُّنيا، وفيه يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «إنِّي لا آكُلُ مُتَّكئًا»، وقد اختُلِف في صِفةِ الاتِّكاءِ، فقِيل: أنْ يَتمكَّنَ في الجُلوسِ للأكلِ على أيِّ صِفَةٍ كان. وقيل: أنْ يَميلَ على أَحدِ جَنْبَيهِ. وقيل: أنْ يَعْتَمِدَ على يَدِهِ اليُسْرى مِن الأرضِ ناصبًا لِرِجْلِهِ اليُمْنى، والمعنى: إنِّي لا أَقْعُدُ مُتَّكِئًا على الفِراشِ والوَسائدِ عندَ الأكلِ كما يَفْعَلُ مَن يَسْتكْثِرُ مِن الطَّعامِ؛ فإنِّي لا آكُلُ إلَّا القليلَ مِن الزَّادِ والطَّعامِ الذي يُقيمُ الحياةَ، فأقعُدُ القِعدةَ التي تهيِّئُ لأكلِ القليلِ، وهذا تَعليمٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمسلمين، وإرشادٌ لهم إلى عدَمِ الإكثارِ مِن الطَّعامِ، كما قال في حَديثٍ آخَرَ رواه الترمذيُّ: «بحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقيماتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ»، أي: يَكفي ابنَ آدَمَ لُقيماتٌ قَليلةٌ تُقيمُ صُلبَه وجسَدَه.
وقد ورد أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا جلس للطَّعامِ جثا، أي: جَلَس على رُكبَتَيه، كما عند ابنِ ماجه من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ بُسرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: «أَهْديتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شاةً، فَجثا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على رُكْبتيهِ يأكُلُ، فَقالَ أعرابيٌّ: ما هذِهِ الجِلْسةُ؟ فقالَ: إنَّ اللَّهَ جَعلَني عبْدًا كَريمًا، ولم يَجعَلْني جبَّارًا عَنيدًا».