باب الأمر بالضيافة
بطاقات دعوية
عن أبي شريح الخزاعي - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه قالوا يا رسول الله وكيف يؤثمه قال يقيم عنده ولا شيء له يقريه به. (م 5/ 138
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَهتَمُّ بأمْرِ المُسلِمينَ ويُرشِدُهم إلى التَّحَلِّي بمَكارِمِ الأخْلاقِ ومَحاسِنِ الآدابِ، ومِن ذلِك الضِّيافةُ؛ فهي مِن مَكارمِ الأخلاقِ، ومِن آدابِ الإسلامِ، ومِن خُلقِ النَّبيِّين والصَّالِحينَ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُقبةُ بنُ عامرٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا اشتَكَى بَعضُ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه أنَّه حِينَ يَبعَثُهم في وَفْدٍ، يَنزِلون على أقوامٍ لا يَقْرُونهم، يعني: لا يُعْطونهم حقَّ الضِّيافةِ، فأخْبَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا سَمِعَ منْهم ذلك أنَّهم إنْ نَزَلوا على قَومٍ فقَدَّموا لهم حَقَّ الضِّيافَةِ، فلْيَقبَلوه منهم، فإنْ لم يَفعَلوا فإنَّه يَحِقُّ لهم أنْ يَأخُذوا مِن مالِهِم حقَّ الضِّيافَةِ؛ لأنَّه مَأمورٌ به ويَنبغِي عليهم فِعلُه.
ويُحمَلُ هذا الأمرُ على المُضطرِّينَ؛ فإنَّ ضِيافتَهم واجبةٌ تُؤخَذُ مِن مالِ المُمتنِعِ، أو هذا كان في أوَّلِ الإسلامِ حيث كانت المُواساةُ واجبةً، فلمَّا اتَّسَعَ الإسلامُ نُسِخَ ذلك بقولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الَّذي في الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أبي شُريحٍ العَدويِّ رَضيَ اللهُ عنه: «مَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فلْيُكْرِمْ ضَيفَه، جائزتُه يومٌ وليلةٌ...»، والجائزةُ تَفضُّلٌ وليستْ بواجبةٍ. أو المرادُ العُمَّالُ المَبْعوثون مِن جِهةِ الإمامِ؛ بدَليلِ قولِهم: «إنَّك تَبعَثُنا»، فكان على المَبعوثِ إليهم طَعامُهم ومَرْكبُهم وسُكْناهم يَأخُذونه على العمَلِ الَّذي يَتولَّونَه؛ لأنَّه لا مُقامَ لهم إلَّا بإقامةِ هذه الحُقوقِ.
وفي الحديثِ: أنَّ مَن ظَفِرَ بحَقِّه مِن غَريمِه فله أنْ يَأخُذَه ما لم يَترتَّبْ على أخْذِه مَفسدةٌ أعظَمُ.