باب إنما الرضاعة من المجاعة
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت الغضب في وجهه قالت فقلت يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة قالت فقال انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة. (م 4/ 170
جعَلَ الإسلامُ الرَّضاعَ رابطًا كرابطِ النَّسبِ، فأثبَتَ الحُرْمةَ في النِّكاحِ مِن الرَّضاعةِ كالحُرمةِ مِن النَّسَبِ، وذلك إذا استَوْفى الرَّضاعُ أحكامَه، ومنها أنْ يكونَ الرَّضاعُ في العامينِ الأوَّلَين مِن عُمُرِ المولودِ.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ عليها ورَأى عِندها رجلًا -لم يُذكَرِ اسْمُه، ويَحتمِلُ أنْ يَكونَ ابنًا لأبي القُعَيسِ- فسَأَلها: مَن هذا الرَّجلُ؟ فأخْبَرَتْه أنَّه أخُوها مِن الرَّضاعةِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «انْظُرْنَ مَن إِخْوانُكنَّ؛ فإنَّما الرَّضاعَةُ مِن المَجاعَةِ»، أي: تَحقَّقْنَ صِحَّةَ الرَّضاعَةِ ووَقْتَها؛ فليس كلُّ مَن أُرضِعَ لَبَنَ أُمَّهاتِكنَّ يَصيرُ أخاكنَّ؛ فإنَّما تَثبُتُ الحُرمَةُ إذا وقَعَت على شَرْطِها وفي وقْتِها، وإنَّ حُرمَةَ الرَّضاعِ إنَّما هي في الصَّغِير في الحَولَين الأوَّلَين حينَ تَسُدُّ الرَّضاعَةُ المَجاعَةَ، لا حينَ يكونُ الغِذاءُ بغيرِ الرَّضاعِ في حالِ الكِبَرِ، كما قال تَعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، فهذا حَدُّ الرَّضاعةِ الَّتِي يكون منها التَّحريمُ، وهي عامانِ، فما زاد عن ذلك، أو كان بعدَ أنِ استَغنَى الطِّفلُ عن الرَّضاعةِ؛ فلا يُعَدُّ رَضاعًا مؤثِّرًا في التَّحريمِ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ دُخولِ الأخِ مِن الرَّضاعِ على أُختِه، والخَلْوةِ بها.