باب الأمر بالقيام للجنازة 4

سنن النسائي

باب الأمر بالقيام للجنازة 4

أخبرنا يوسف بن سعيد، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن ابن عجلان، عن سعيد، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، قالا: «ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع»

جاء الإسلامُ مُؤكِّدًا على قِيمةِ النَّفسِ الإنسانيَّةِ منذ مولدِها حتَّى مَوتِها، وجعَل لها مكانةً ساميةً، تتجلَّى في تلك الأحكامِ الَّتي اختصَّت بها حتَّى بعْدَ مُفارَقةِ الحياةِ، ويَظهَرُ هذا في صورةٍ واضحةٍ جليَّةٍ في اهتمامِ الإسلامِ بجنائزِ الموتى ودَفْنِها ونَقْلِها إلى القَبرِ والبرزخِ ليَنتظِرَ صاحبُ القبرِ يومَ القِيامةِ
وفي هذا الحديثِ يَروي أبو سعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَر إذا رأى أحدٌ الجنازةَ أن يقومَ، سواءٌ كان المَيتُ مسْلِمًا أو كافرًا؛ تعظيمًا للهِ تعالى، وفزَعًا مِن الموت، وعلى مَن تبِعَها ألَّا يَجلِسَ حتَّى توضَعَ عن الأعناقِ على الأرضِ، والجنازةُ: اسمٌ للنَّعشِ الَّذي عليه المَيتُ
قيل: إنَّ هذا الحُكمَ نُسِخَ بأحاديثَ أُخرى لم يَقُمْ فيها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِندَما مَرَّتْ به الجنازةُ، وقد أخرَجَ مسلمٌ عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قال: «رأَيْنا رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قامَ فقُمْنا، وقعَدَ فقَعَدْنا، يعني: في الجنازةِ»؛ فدَلَّ هذا على أنَّ القِيامَ لِلجَنازةِ كان أوَّلًا، ثمَّ نُسِخَ. وقيلَ: إنَّ المَرءَ مُخيَّرٌ؛ لِمَجيءِ الأمرَيْنِ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُعمَلُ بالدَّليلَيْنِ ما أمْكَنَ، ولا يُقالُ: أحَدُهما مَنسوخٌ