باب الأمر بالوتر 1
سنن النسائي
أخبرنا هناد بن السري، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحق، عن عاصم وهو ابن ضمرة، عن علي رضي الله عنه قال: أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: «يا أهل القرآن، أوتروا، فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر»
الوِترُ هو آخِرُ صلاةٍ يُصلِّيها المسلِمُ بعدَ التَّنفُّلِ في صَلاةِ اللَّيلِ، ويكونُ برَكَعاتٍ فَرديَّةِ العدَدِ؛ فيَصِحُّ بركعةٍ أو ثلاثٍ وخَمسٍ، وهكذا
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه: "الوِترُ ليس بحَتْمٍ"، أي: صلاةُ الوترِ ليسَتْ بفَرْضٍ واجبٍ، "كصَلاتِكم المكتوبةِ"، أي: بمِثلِ فَرضيَّةِ الصَّلَواتِ الخمسِ، "ولكن سَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: ولكنَّها سُنَّةٌ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ اللهَ وِترٌ"، أي: فَردٌ واحدٌ في ذاتِه، "يُحِبُّ الوترَ"، أي: يُحِبُّ مِن عَبدِه أن يُوتِرَ في الصَّلاةِ، فيُثيبَه ويَأجُرَه عليها؛ "فأوتِروا يا أهلَ القرآنِ"، أي: يعني: المؤمِنين المصدِّقين به، والمعتَنِين بحِفْظِه وتِلاوتِه، وقد يُرادُ بالوترِ في هذا الحَديثِ قيامُ اللَّيلِ، فإنَّ الوِترَ يُطلَقُ عليه؛ فلذا خَصَّ الخِطابَ بأهلِ القرآنِ تأكيدًا، على أنَّ الأَوْلى لهم صَلاتُه وعدَمُ تركِه، وقد قيل غَيرُ ذلك؛ بأنَّ تَخصيصَه أهلَ القُرآنِ بالأمرِ فيه يدُلُّ على أنَّ الوترَ غيرُ واجبٍ على الجَميعِ، ولو كان واجبًا لكان عامًّا، وأهلُ القُرآنِ في عُرْفِ النَّاسِ هم القُرَّاءُ والحُفَّاظُ، دونَ العوامِّ، ويدُلُّ على ذلك أيضًا قولُ ابنِ مسعودٍ للأعرابيِّ في رِوايةٍ أخرى لَمَّا سأَله عمَّا يقولُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الوترِ: "ليس لك ولا لأصحابِك" وقولُ عليٍّ رضِيَ اللهُ عنه: "الوِترُ ليس بحَتمٍ"