باب الاستتار فى الخلاء

بطاقات دعوية

باب الاستتار فى الخلاء

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى بن يونس، عن ثور، عن الحصين الحبراني، عن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أكل فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج»، قال أبو داود: رواه أبو عاصم، عن ثور، قال: حصين الحميري، ورواه عبد الملك بن الصباح، عن ثور، فقال أبو سعيد الخير، قال أبو داود: «أبو سعيد الخير هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم»

كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم آمرين بالمعروف، ناهين عن المنكر، أقوياء في الحق، يقولونه ولا يخافون في الله لومة لائم
وفي هذا الحديث يوضح أبو سعيد الخدري رضي الله عنه هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وهو المكان الفضاء الواسع، وهو موضع معروف بالمدينة، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، وأن أول شيء كان يبدأ به الصلاة، ثم يتوجه إلى الناس فيقف قبل وجوههم، والناس جلوس في أماكنهم، فيخطب فيهم، ويعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم، وإن كان يريد أن «يقطع بعثا قطعه»، أي: يرسل جيشا، أو طائفة من الجيش إلى جهة من الجهات، أرسله
ثم ذكر أبو سعيد رضي الله عنه أن الناس ظلوا على ذلك الهدي حتى استعمل معاوية رضي الله عنه مروان بن الحكم واليا على المدينة، ولما جاء عيد الأضحى أو الفطر، خرج أبو سعيد رضي الله عنه مع مروان إلى المصلى، فرأى منبرا قد بناه التابعي كثير بن الصلت الكندي، وإذا مروان يريد أن يصعد المنبر ليخطب قبل أن يصلي، فما كان من أبي سعيد رضي الله عنه إلا أن شده من ثوبه بقوة، محاولا منعه من ذلك، إلا أن مروان لم يستجب لأبي سعيد رضي الله عنه، ومضى في الخطبة قبل الصلاة، فأغلظ له أبو سعيد رضي الله عنه القول؛ لأنه بذلك قد غير السنة، وأقسم أبو سعيد أن الذي يعلمه خير؛ لأنه هو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون غيره خيرا منه؟! فزعم مروان أن فعله ذلك؛ لأن الحال قد تغير، وأن الناس لا يجلسون لسماع خطبته بعد الصلاة، فجعلها قبل الصلاة حتى يلزمهم بسماعها، وهذا يشعر بأن مروان فعل ذلك باجتهاد منه، وأنه حمل فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالبدء بالصلاة أولا، ثم الخطبة؛ على الأولوية، واعتذر عن ترك الأولى بما ذكره من تغير حال الناس، فرأى أن المحافظة على أصل السنة -وهو إسماع الخطبة- أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها، بينما حمل أبو سعيد فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ترتيب الصلاة أولا ثم الخطبة على التعيين، وأنه مع ذلك لم يترك الصلاة ولا سماع الخطبة
وفي الحديث: أن صلاة العيد تكون في أرض فضاء، وليس في المسجد إلا لضرورة
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب في المصلى في العيدين وهو واقف
وفيه: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان المنكر عليه واليا
وفيه: مشروعية اتخاذ المنبر لخطبة العيد
وفيه: بيان كيفية وقوف الخطيب، وأنه يكون مواجها للناس
وفيه: مشروعية حلف الإنسان على صدق ما يخبر به