باب الاستثناء
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال سليمان بن داود، لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه، إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا إحدى شقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قالها لجاهدوا في سبيل الله
لا يَقَعُ في مُلكِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ شَيءٌ إلَّا بمُرادِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ومَشيئَتِه، ومِن ثَمَّ كان التَّجَرُّدُ مِن مَشيئةِ النَّفْسِ وحُظوظِها، وتَعليقُ كُلِّ مَأمولٍ على مَشيئةِ اللهِ عزَّ وجلَّ وإرادَتِه؛ طَريقًا لِنَيْلِ المُرادِ
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ نَبيَّ اللهِ سُلَيمانَ بنَ داودَ عليهما السَّلامُ، قال: «لَأطُوفَنَّ اللَّيلةَ على مِئةِ امرأةٍ، أو تِسعٍ وتِسعينَ»، أيْ: واللهِ لَأُجامِعَنَّ مِئةَ امرأةٍ أو تِسعًا وتِسعينَ مِن نِسائي -والشَّكُّ هُنا مِن راوي الحَديثِ- كُلُّهنَّ يَأتي بفارِسٍ يُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ. فقال له صاحِبُه -وهو المَلَكُ الذي كان يَأتِيه بالوَحْيِ، وقيلَ غَيرُه-: قُلْ: إنْ شاءَ اللهُ. فلمْ يَقُلْ عليه السَّلامُ: إنْ شاءَ اللهُ؛ لِنِسيانِه، ولا يَعني هذا أنَّه لم يُفوِّضِ الأمْرَ للهِ بقَلْبِه؛ فحاشاهُ أنْ يَغفُلَ قَلبُه عن تَفويضِ الأمْرِ للهِ، وهو نَبيٌّ، والعِصمةُ ثابِتةٌ لِجَميعِ الأنبياءِ صَلَواتُ اللهِ عليهم أجمَعينَ، فالنِّسيانُ هُنا -نِسيانُ قَولِ: «إنْ شاءَ اللهُ»- بلِسانِه
فأخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لم تَحمِلْ مِنهُنَّ إلَّا امرأةٌ واحِدةٌ، جاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، أيْ: بنِصفِ رَجُلٍ، فأقْسَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ الَّذي نَفْسُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه سُبحانَه، وهو قَسَمٌ كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثيرًا ما يُقسِمُ به، ومُرادُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ القَسَمِ التَّأكيدُ على أنَّ نَبيَّ اللهِ سُلَيمانَ عليه السَّلامُ لوِ استَثْنَى في كَلامِه بأنْ قال: إنْ شاءَ اللهُ؛ لَرَزَقَه اللهُ بالفَوارِسِ المِئةِ، كما قال، وجاهَدوا في سَبيلِ اللهِ كُلُّهم
وفي الحَديثِ: طَلَبُ الوَلَدِ لِنيَّةِ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ تعالى
وفيه: إثباتُ اليَدِ للهِ تعالَى، على ما يَلِيقُ بجَلالِه