باب الاستغفار2
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة" (2)
مِن لُطفِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعِبادِه أنْ يَسَّرَ لهمْ أبوابَ التَّوبةِ والاستغفارِ، ودلَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلِمَ على ما تُوضَعُ به الخَطايا والذُّنوبُ وتُمْحَى، ولو كانتْ كَثيرةً كَزَبَدِ البَحْرِ، وهو ذِكرُ اللهِ واستغفارُه والمداوَمةُ على ذلك بقُلوبٍ مُخلِصةٍ؛ وذلك ممَّا يُؤنِسُ الرُّوحَ والقَلبَ، ويَرزُقُ النَّفْسَ الطُّمأْنينةَ، ويُثقِّلُ مَوازينَ العَبدِ بالحَسَناتِ، ويُنَجِّي اللهُ تَعالَى به صاحِبَه مِنَ الهَمِّ والغَمِّ، فيَكشِفُ ضُرَّه ويُذهِبُ غَمَّه.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّه لَيُغَانُ» أي: يُغطي ويلبس على قلبي، والمرادُ به: السَّهوُ في بَعضِ الفَتَرات مِنَ الغَفَلاتِ عَنِ الذِّكْرِ الَّذي كان شَأنُه الدَّوامَ عليه، فإذا فَتَرَ عنه أو غَفَلَ، وغيرِ ذلك ممَّا يَحجُبُه عن الاشْتِغالِ بِذِكْرِ اللهِ والتَّضَرُّعِ إليهِ ومُشاهدَتِه ومُراقبَتِه، فيَرى ذلك ذنبًا بالنِّسبَةِ إلى المَقَامِ العَليِّ، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَستغفِرُ في اليومِ مِائةَ مرَّةٍ، والمرادُ مِن العددِ الإشارةُ للكثرةِ وليْس المرادُ الحَصرَ فيه، وظاهرُ الكَلامِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَطلُبُ المَغفرةَ ويَعزِمُ على التَّوْبةِ، بأيِّ صِيغةٍ كانتْ، مِثلُ «أسْتَغفِرُ اللهَ وأتوبُ إليه» أو غيرِها.
وفي الحديثِ: الحثُّ على مُلازَمَةِ الاستِغْفارِ.