باب الاعتكاف للمستحاضة
بطاقات دعوية
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة؛ ترى الدم [والصفرة]، فربما وضعت الطست تحتها من الدم [وهي تصلي]. وزعم عكرمة أن عائشة رأت ماء العصفر، فقالت: كأن هذا شيء كانت فلانة تجده.
بيَّن الشَّرعُ المطهَّرُ أمورَ الطَّهارةِ من الحيضِ والنِّفاسِ للنِّساءِ، وبعضُ النِّساءِ يُصيبُهنَّ حيضٌ زائدٌ عن العادةِ، ويَنزِلُ مِنهنَّ دمٌ غزيرٌ لمُدَّةٍ أطولَ مِن أيَّامِ الحيضِ المعتادةِ، فيَسَّرَ الشَّرعُ عليهنَّ في ذلك.وفي هذا الحَديثِ تَحكي عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اعتَكَفَ في مسجِدِه وانقطَع عن النَّاسِ للعِبادةِ، واعتكَف معه بعضُ نِسائِه، قيلَ: إنَّها سَوْدةُ بنتُ زَمْعةَ، وقيل: إنَّها رَمْلةُ أُمُّ حَبيبةَ بِنتُ أبي سُفْيانَ، وقيل: إنَّها زَيْنبُ بنتُ جَحشٍ، وهي مُستَحاضةٌ تَرى الدَّمَ، والاستِحاضةُ: دَمٌ فاسِدٌ يَخرُجُ زيادةً مِنَ المرأةِ بعْدَ انتِهاءِ فَترةِ حَيضِها الطبيعيَّةِ، ودَمُ الاستِحاضةِ رَقيقٌ ليس كدَمِ الحَيضِ، فرُبَّما وَضَعت الطَّستَ وهو وِعاءٌ واسعٌ تَحتَها مِن أجْلِ أن يَنزِلَ فيه هذا الدَّمُ الكثيرُ؛ لئلَّا يُصيبَ ثَوبَها أو المسجِدَ. قال خالِدُ بنُ مِهْرانَ، مِن رِجالِ سَنَدِ الحَديثِ: «وَزَعَم» والزَّعمُ قد يُطلَقُ ويُرادُ به القولُ المحقَّقُ وإنْ كان أكثَرُ استعمالِه في المَشكوكِ فيه أو في الظَّنِّ الباطلِ، عِكْرِمةُ أنَّ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها رَأَتْ «ماءَ العُصْفُرِ» هو زَهْرُ القُرْطُمِ، وهو نَوْعٌ مِن أنواعِ النباتِ، أصفرُ اللَّونِ، يُصبَغُ به، ولكنَّه لا رائحةَ له، فقالَت: كأنَّ هذا الأصفَرَ شَيءٌ يُشبِهُ ما كانت فُلانةُ تَجِدُه في زَمانِ استِحاضتِها، وهذا إشارةٌ إلى أنَّ دمَ الاستِحاضةِ أصفَرُ رقيقٌ، وليس داكنًا مِثلَ دمِ الحَيضِ.وفي الحديثِ: اعتكافُ المُستحاضةِ عِندَ أمْنِ تَلويثِ المسجِدِ.