باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا؛ جاز
بطاقات دعوية
عن جبلة: كنا بالمدينة في بعض أهل العراق، فأصابنا سنة، فكان ابن الزبير يرزقنا التمر، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يمر بنا [ونحن نأكل 6/ 212]، فيقول: [لا تقرنوا، فـ] إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الإقران [بين التمرتين جميعا 3/ 211]؛ إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه
ربَّى الإسلامُ أتْباعَه على القَناعةِ والإيثارِ، وعلَّمَهم آدابَ الطَّعامِ، وبيَّن ما يَجوزُ للإنسانِ في حقِّ نفْسِه، وما يَجوزُ في حقِّ غيرِه إذا أكَلَ معه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي جَبَلَةُ بنُ سُحَيمٍ أنَّهم كانوا بالمدينةِ ومعهم بَعضٌ مِن أهْلِ العِراقِ، فأصابَهُم سَنَةٌ، أي: غَلاءٌ وجَدْبٌ، فكان عبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ رَضيَ اللهُ عنهما يُطعِمُهم التَّمرَ، وكان عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنهما يَمرُّ بهم وهمْ يأكُلونَه، فيُخبِرُهم أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عنِ الإقرانِ، وهو أنْ تُقرَنَ تَمْرةٌ بتَمرةٍ يَضَعُهما في فَمِه ويَأكُلُهما معًا، وذلك في حالةِ كَونِه يَأكُلُ مع آخَرَ والطَّعامُ قَليلٌ، يُريدُ بذلك أنْ يَغلِبَ على أكثَرِ الطَّعامِ، وهذا فيه إجْحافٌ برَفيقِه، معَ ما فيه مِن الشَّرَهِ المُزْري بصاحبِه، والدَّالِّ على خِسَّةِ نفْسِه، إلَّا أنْ يَستأذِنَ الرَّجلُ أخاهُ؛ لكونِه على عُجالةٍ مِن أمْرِه ويُريدُ أنْ يَنصرِفَ مَثلًا، فيَأْذَنَ له مَن يَأكُلُ معه، فإنَّه يَجوزُ؛ لأنَّه حَقُّه، فله إسقاطُه، وذلك ليَعلَمَ الإنسانُ أنَّه كما أنَّ له حقًّا في الطَّعامِ، فللَّذي يَأكُلُ معه -أيضًا- حقٌّ في الطَّعامِ.