باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن رمح المصري، أخبرنا الليث بن سعد، عن نافع
عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك،فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع" (1).
البيعُ والشِّراءُ مِن الأُمورِ الحَياتيَّةِ، وقد بيَّنَ الشَّرعُ ضَوابطَ ذلك ووضَّحَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والتَّراضي مِن أهمِّ شُروطِ نَفاذِ البيعِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: "إذا تبايَعَ الرَّجلانِ" أي: إذا وقَعَ بين شَخصينِ بَيعٌ، والمُرادُ بهما البائعُ والمُشتري، "فكلُّ واحدٍ منهما بالخيارِ"، أي: مُخيَّرٌ في الرُّجوعِ عن بَيعِه، "ما لم يَفْتَرِقَا"، أي: عنِ المَجلِسِ الَّذي وقَعَ فيه البيعُ، "وكانا جَميعًا"، أي: مُجتمعينَ، "أو يُخَيِّرُ أحدُهما الآخرَ"، بينَ إتمامِ البيعِ أو فَسخِه، "فإنْ خيَّرَ أحدُهما الآخَرَ"، أي: خيَّرَه بالرُّجوعِ عن البيعِ أو إتمامِه، "فتبايَعَا على ذلك فقد وجَبَ البيعُ"، أي: وجَبَ نَفاذُ البَيعِ، ولا يحِقُّ لأحدِهما الرَّجعةُ فيه بعدَ هذا التَّخييرِ، "وإنْ تَفرَّقَا بعدَ أنْ تَبايَعا ولم يترُكْ واحدٌ منهما البَيعَ؛ فقد وجَبَ البيعُ"، وكذلك يَنفُذُ البيعُ إنْ تَفرَّقا عنِ المَجلسِ، ومثْلُ هذا البيعِ إنَّما يقَعُ لِمَا في تلك الصُّورِ مِن تأكيدِ معنى التَّراضي بينَ البائعِ والمُشتري، كما أخرَجَ ابنُ ماجَه عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّما البيعُ عن تَراضٍ".
وفي الحديثِ: ضَرورةُ تَثَبُّتِ طرفَيِ البيعِ مِن إكمالِ البيعِ أو الرُّجوعِ فيه قبْلَ انقضاءِ مَجلسِ البيعِ دونَ احتيالٍ.
وفي الحديثِ: الحثُّ على التَّراضي في البَيعِ والشِّراءِ.