باب التبكير إلى الجمعة 2

سنن النسائي

باب التبكير إلى الجمعة 2

أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم، الأول فالأول، فإذا خرج الإمام طويت الصحف، واستمعوا الخطبة، فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة، ثم الذي يليه كالمهدي كبشا، حتى ذكر الدجاجة والبيضة»

أمَرَ اللهُ سُبحانه وتعالَى عِبادَه المؤمنينَ بالمُسارَعةِ في الخَيراتِ، ومدَحَ مَن يَفعلُ ذلك، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90]، ولَمَّا كان التَّبكيرُ إلى الصَّلاةِ مِنَ الخيراتِ خاصَّةً في صلاةِ الجُمُعةِ، كان لِلسَّابقِ إليها فضلٌ وثوابٌ أكثَرُ مِن غَيرِه.

وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن فضلِ التَّبكيرِ إلى صلاةِ الجُمعةِ، فيَحُثُّ بدايةً على الاغتسالِ لِلصَّلاةِ، ويُخبِرُ أنَّ مَنِ اغتسَلَ غُسلًا كاملًا مِثلَ الَّذي يَغتسِلُه مِنَ الجَنابةِ، ثُمَّ ذهَبَ إلى صلاةِ الجُمعةِ مُبكِّرًا في أوَّلِ النَّهارِ؛ فكأنمَّا تَقرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِالتَّصدُّقِ بِبَدَنةٍ، وهي الجمَلُ، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثَّانيةِ، فكأنَّما تصدَّقَ بِبَقرةٍ للهِ تعالى، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثَّالثةِ فكأنَّما تصدَّقَ بكَبشٍ أقْرَنَ، يعني: له قرونٌ؛ لِلدَّلالةِ على حُسنِه وكمالِه، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الرَّابعةِ فكأنَّما تصدَّقَ بدَجاجةٍ، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما تصدَّقَ بِبَيضةٍ. والسَّاعاتُ المقصودةُ في الحديثِ تبدأُ مِن طلوعِ الشَّمسِ، وتُقسَّمُ على حَسَبِ الوقتِ بيْنَ طلوعِ الشَّمسِ إلى الأذانِ الثَّاني خمسةَ أجزاءٍ، ويكونُ كلُّ جزءٍ منها هو المقصودَ بِالسَّاعةِ الَّتي في الحديثِ. ثم أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا خرَجَ الإمامُ وصعِدَ المِنبرَ لِيَخطُبَ، دَخلتِ الملائكةُ وتَرَكتْ كتابةَ مَن يأتي بعْدَ ذلك؛ لِيَستمِعوا إلى خُطبةِ الجُمعةِ وما فيها مِن ذِكْرٍ للهِ تعالى، فتَفوتُ مَن يأتي بعْدَ ذلك فضيلةُ التَّبكيرِ لا ثوابُ الجُمعةِ

وفي الحديثِ: فضيلةُ التَّبكيرِ للجُمعةِ

وفيه: الحثُّ على الاغتِسالِ للجُمعةِ