باب التسبيح إذا هبط واديا
بطاقات دعوية
عن جابر بن عبد الله رضي عنهما قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا (وفي رواية: تصوبنا) سبحنا
المُسلِمُ الحَقُّ ذَاكرٌ للهِ تعالَى، مُستَشعِرٌ لِعَظَمَتِه في كُلِّ أحوالِه، وهكذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأصحابُه، كما يُبَيَّنُ هذا الحَديثُ، فيَروي جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّهم كانوا كُلَّما صَعِدوا مُرتَفَعًا في طَريقِهم كَبَّروا، فقالوا: اللهُ أكبَرُ، وكُلَّما نَزَلوا مُنزَلًا وهَبَطوا منه سَبَّحوا، فقالوا: سُبحانَ اللهِ؛ لِأنَّه لَمَّا كان الصُّعودُ ارتِفاعًا، ناسَبَه التَّكبيرُ، أي: أنَّ اللهَ سُبحانَه أكبَرُ مِن كُلِّ كَبيرٍ، وأعْلَى مِن كُلِّ رَفيعٍ، كما أنَّ في التَّكبيرِ عِندَ إشرافِه على الجِبالِ وكُلِّ مُرتَفَعٍ استِشعارًا لِكِبرياءِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، ولَمَّا كان النُّزولُ هُبوطًا، ناسَبَه التَّنزيهُ؛ لِأنَّه سُبحانَه هو العَليُّ الكَبيرُ، ولِأنَّ التَّسبيحَ تَنزيهُ اللهِ عن صِفاتِ الانخِفاضِ والضِّعةِ، وقيلَ: التَّسبيحُ في بُطونِ الأوديةِ، وفي المُنخَفَضاتِ، مُستَنبَطٌ مِن قِصَّةِ نَبيِّ اللهِ يُونُسَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ قال اللهُ تعالَى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143، 144]، فنَجَّاه اللهُ تعالَى بتَسبيحِه في بَطْنِ الحُوتِ مِنَ الظُّلُماتِ، فامتَثَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا التَّسبيحَ في بُطونِ الأوديةِ؛ لِيُنَجِّيَه اللهُ منها.