باب كتاب الاطعمة
بطاقات دعوية
عن أبى عثمان قال: تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا؛ يصلى هذا ثم يوقظ هذا، وسمعته يقول: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يوما 6/ 204] بين أصحابه تمرا، [فأعطى كل إنسان سبع تمرات]، فأصابنى [منه] سبع (وفي رواية: خمس) تمرات، إحداهن حشفة، [فلم يكن فيهن تمرة أعجب إلى منها، شدت في مضاغي (وفي رواية: هي أشدهن لضرسي)].
كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شِدَّةٍ مِنَ العَيشِ وضِيقٍ في الرِّزقِ قبْلَ أنْ يَفتَحَ اللهُ عليهمُ البُلدانَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقسِمَ بيْنهمُ الرِّزقَ اليسيرَ فَيَرْضَوْنَ به ويَحمَدونَ اللهَ على ما آتاهُمْ مِن فَضلِه، ولا يَتطلَّعونَ إلى مَتاعِ الدُّنيا ونَعيمِها، قَانعينِ بتَحصيلِ الآخرةِ، وأنَّ هذا هو الفوزُ العظيمُ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَسَمَ بيْن أصحابِه يَومًا تَمَراتٍ، فأَعطى كُلَّ واحدٍ سَبْعَ تَمَراتٍ، وأعطى أبا هُريرةَ رضِيَ اللهُ عنه سبْعَ تَمَراتٍ، وكان منها تمْرةٌ حَشَفةٌ، وهي أردأُ أنواعِ التَّمرِ، وهو الَّذي يَبِسَ على النَّخْلِ قبْلَ أنْ يَتِمَّ نُضْجُه، فأخبر أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ هذه التَّمرةَ كانت أعجَبَ التَّمراتِ إليه؛ حيثُ إنَّها شَدَّتْ في مَضاغِه، يحتَمِلُ أن يكونَ المرادُ: ما يُمضَغُ به، وهو الأسنانُ، ويحتَمِلُ أن يراد به المضغُ نفسُه، أو يكون مَضاغي هو الطَّعامُ يُمضَغُ، وطالت مدةُ المضغِ لأنَّها كانتْ قوِيَّةً عند مَضغِها، فسُرَّ بذلكَ؛ لأنَّها بَقِيَت زمانًا في فَمِه، وهذا يدُلُّ على أنَّ جُوعَ أبي هُرَيرةَ كان قد اشتَدَّ حتى حمله على مَضغِ الحَشَفةِ
وفي الحَديثِ: ما يدُلُّ على أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُساوي بين أصحابِه في القِسمةِ، حتى في الشَّيءِ اليسيرِ
وفيه: أنَّ الشَّيءَ إذا كان قليلًا فالسُّنَّةُ فيه أن يُوَزَّع بالتساوي؛ حتى لا يُوسوِسَ الشَّيطانُ للنَّاسِ، فيَظُنَّ أحدُهم أنَّ غيرَه قد وصل إليه أكثَرُ مما وصَلَ إليه هو