باب التسبيح بالحصى

باب التسبيح بالحصى

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنى عمرو أن سعيد بن أبى هلال حدثه عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبى وقاص عن أبيها أنه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبح به فقال « أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل ». فقال « سبحان الله عدد ما خلق فى السماء وسبحان الله عدد ما خلق فى الأرض وسبحان الله عدد ما خلق بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك. ولا إله إلا الله مثل ذلك. ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك ».

ذكر الله تعالى من أفضل الأعمال، وأيسرها كذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه جوامع الأذكار: وهي ما قل لفظه ومبناه، وعظم أجره ومعناه
وفي هذا الحديث يحكي أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه كان يحرك شفتيه فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "بأي شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة؟" وهذا من حسن عشرة النبي لأصحابه، فهو يؤنسهم، ويسألهم ليعلمهم، فقال أبو أمامة رضي الله عنه: "أذكر الله يا رسول الله"، والذكر يشمل: أنواع الثناء والحمد والتسبيح والتهليل والتكبير والدعاء والتضرع والابتهال إليه سبحانه وتعالى وتلاوة القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار؟"، أي: أتحب أن أخبرك بعمل يعطيك ثوابا أفضل من ذكر الليل والنهار معا، والغرض من الاستفهام بث روح الحماسة وإثارة الشوق لمعرفة الأمر، فقال أبو أمامة رضي الله عنه: "بلى، يا رسول الله!"، أي: أحب ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تقول: سبحان الله"، أي: أنزه الله وأعظمه عن كل ما لا يليق به، "عدد ما خلق"، أي: بعدد جميع مخلوقاته، ومخلوقات الله عز وجل لا يحصيها إلا الله، "سبحان الله ملء ما خلق" يعني من الأماكن والأجرام، وهذا تقريب؛ لأن الكلام لا يقدر بالمكاييل، وإنما المراد منه تكثير العدد
"سبحان الله عدد ما في الأرض [والسماء]"، أي: عدد ما فيهن من مخلوقات الله "سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء"، أي: عدد ما يكفي لملئهن "سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه"، أي: عدد ما في اللوح المحفوظ من مخلوقات الله وعدد ما يكفي لملئهن "سبحان الله عدد كل شيء، سبحان الله ملء كل شيء، الحمد لله عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في الأرض والسماء، والحمد لله ملء ما في الأرض والسماء، والحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء"
وقوله في التسبيح والتحميد: "عدد ما خلق، عدد ما في الأرض والسماء، وعدد ما أحصى كتابه، عدد كل شيء"، وقوله: "ملء ما خلق، ملء ما في الأرض والسماء، وملء ما أحصى كتابه، ملء كل شيء" معناه: أنه يسبح الله ويحمده ويثني عليه بمقدار كل ما يعد، ومقدار كل ما يملأ به. والكتاب في قوله: "عدد ما أحصى كتابه" هو اللوح المحفوظ، أي: عدد ما حوى اللوح المحفوظ منذ خلق الله الكون إلى نهايته.
والمعنى: أن المؤمن عندما يستشعر عظمة ربه عز وجل التي لا نهاية لها، يخبر عما يستحقه الرب من التسبيح والتحميد بعدد وملء هذه الأمور العظيمة، ولو كان في العدد ما يزيد على ذلك لذكره، لا أن ما أتى به العبد من التسبيح هذا قدره وعدده
وفي الحديث: أن الذكر المضاعف أعظم ثناء وثوابا من الذكر المفرد، ولو كان طيلة الليل والنهار