باب التسليم
بطاقات دعوية
عن هندٍ بنت الحَارِثِ [الفراسية (وفي روايةٍ: القرشية)، وكانت تحت معبد بن المقداد - وهو حليف بني زُهرة - وكانت تدخلُ عَلى أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ] أنَّ أُمَّ سلَمَةَ رضي الله عنها [وكانتْ من صواحباتِها] قالت:
كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلَّمَ قامَ النساءُ حينَ يَقضي تسليمَهُ، ومكَثَ [في مكانه]، يسيراً، [ومن صلَّى من الرجال ما شاءَ الله، فإذا قامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ الرجال] قبْلَ أنْ يقُومَ.
( - وفي روايةٍ معلقةٍ: كانَ يُسَلِّم فينصرفُ النساءُ فيَدْخُلْنَ بيوتَهن من قبْلِ أنْ
ينصرفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -).
قال ابن شهابٍ: فأرى والله أَعلمُ أن مُكْثَهُ لكَيْ ينفُذَ النساءُ قبْلَ أنْ يُدْركَهنَّ
مَن انصرَفَ منَ القوْمِ.
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَريصًا على ألَّا يختَلِطَ النِّساءُ بالرِّجالِ، وكان يتَّخِذُ السُّبُلَ الَّتي تمنَعُ اختلاطَهُنَّ بالرِّجالِ؛ لِمَا في ذلِك مِن المفاسِدِ العَظيمةِ.
وفي هذا الحديثِ تخبِرُ أمُّ سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا سلَّمَ مِن الصَّلاةِ قام النِّساءُ بمُجرَّدِ انتهائِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن التَّسليمِ، فيُسارِعْنَ بمُغادَرةِ المسجِدِ، ولا يُسارِعُ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالقيامِ، بل يَمكُثُ يسيرًا في مكانِه بعْدَ الصَّلاةِ؛ لأجلِ نفَاذِ النِّساءِ وذهابِهنَّ قبْلَ تفرُّقِ الرِّجالِ؛ لئلَّا يُدرِكَهنَّ بعضُ المُتفرِّقينَ مِن الصَّلاةِ، وهذا كلُّه مِن بابِ قطْعِ الذَّرائعِ، والمباعدةِ بيْنَ الرِّجالِ والنِّساءِ خوْفَ الفِتنةِ. وكانت صُفوفُ النِّساءِ في صلاةِ الجَماعةِ آخِرَ الصُّفوفِ، ويَتقدَّمُها صُفوفُ الصِّبيانِ، ويَتقدَّمُهم جميعًا صفوفُ الرِّجالِ وراءَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: مُراعاةُ الإمامِ أحوالَ المأمومينَ، والاحتياطُ في اجتنابِ ما قد يُفضي إلى المحذورِ.
وفيه: اجتنابُ مَواقعِ التُّهمِ. وفيه: عدَمُ مخالَطةِ الرِّجالِ لِلنِّساءِ الأجنبيَّاتِ في الطُّرقاتِ، فضلًا عَنِ البيوتِ.