باب التشديد في البول 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكثر عذاب القبر من البول" (3).
حَثَّ الشَّرعُ الحَكيمُ على التَّطهُّرِ والتَّنظُّفِ من كلِّ مُستقذَرٍ؛ كالبولِ والغائطِ وسائرِ النَّجاساتِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "أكثَرُ عذابِ القبْرِ من البولِ"، ومعناه ضرورةُ التَّحفُّظِ من البولِ والحذرِ، وحُسْنِ الاستنجاءِ منه، حتَّى لا يصيبَ البدَنَ أو الملابِسَ، فينجِّسَها، فيكونَ جزاؤه عذابًا في القبْرِ بعدَ الموتِ، والمرأةُ والرَّجلُ في ذلك سواءٌ، فعليهما أنْ يعتَنِيَا بالأمْرِ؛ فيكونَ البولُ في محَلٍّ لا يتطايَرُ منه البولُ على الإنسانِ، وإذا أصابه شيءٌ منه، فيصبُّ عليه الماءَ، ويغسِلُ مكانَ ما أصابه، حتَّى يكونَ قد تحرَّزَ من البولِ، والبولُ يشمَلُ القليلَ والكثيرَ، إلَّا ما أتَتْ به النُّصوصُ الشَّرعيَّةُ الَّتي تسامَحَت في هذا، مثل ما يبْقى من أثَرِ الاستجمارِ، وما يبْقى من دلْكِ النَّعلينِ إذا أصابَتْهما نَجاسةٌ، وكذلك ما يصيبُ الإنسانَ فيه مشقَّةٌ؛ كمَن به سلَسُ بولٍ، فأمثالُ هؤلاء جاءتِ الشَّريعةُ بتيسيرِ الأمْرِ بالعفْوِ عن هذه النَّجاساتِ؛ لصُعوبةِ التَّحرُّزِ منها، لكنَّ الخطابَ هنا لمَن لا حرَجَ عليه ولا مشقَّةَ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ من التَّنجُّسِ بالبولِ، والحثُّ على التَّطهُّرِ منه ومُعاهدَتِه.
وفيه: أنَّ الاستِنزاهَ مِن البولِ والتطهُّرَ منه طهارةً كاملةً مِن أسبابِ الوِقايةِ من عذابِ القبرِ .