باب التطبيق 3
سنن النسائي
أخبرنا نوح بن حبيب، قال: أنبأنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، عن عبد الله قال: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فقام فكبر، فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه وركع»، فبلغ ذلك سعدا، فقال: صدق أخي قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا يعني: الإمساك بالركب
الصَّلاةُ أَعْظَمُ أركانِ الإسلامِ بَعْدَ الشَّهادتينِ، ويَنبغي المحافِظَةُ عليها وإقامتُها كما يُريدُ الله عزَّ وجلَّ، وكما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي، وقد بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هيئاتِ الصَّلاةِ مِن رُكوعِ وسُجودٍ، وعَلَّمَها للصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم، ونقَلوها لِمَن بعدَهم، ومِن ذلك هيئاتُ ركوعِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وكانت في أوَّلِ الأمرِ التَّطبيق، وهو الجمْعُ بين الكفَّينِ وجعْلُهما بينَ الرُّكبتين، ثم نُسِخَتْ هذه الهيئةُ بالإمساكِ بالرُّكبِ في الرُّكوعِ، كما في هذا الحديثِ، حيث يقولُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: علَّمَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصَّلاةَ"، أي: كيفيَّةَ الصَّلاةِ، ثمَّ ذَكَر تَفصيلَ ذلك، فقال: "فكَبَّرَ"، أي: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "ورَفَع يَدَيه"، أي: للافْتِتاحِ، "فلمَّا رَكَعَ طَبَّقَ يَديه"، أي: جَمَعَ أصابِعَ يدَيهِ وأَدْخَلَهما "بينَ رُكْبتَيهِ"، وهذا يُسمَّى التَّطبيقَ
"قال" عَلْقمةُ بنُ قيسٍ الرَّاوي عَنِ ابنِ مسعودٍ: "فبَلَغَ"، أي: ما قاله عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ مِنَ التَّطبيقِ "سَعْدًا"، أي: سَعْدَ بنَ أبي وقَّاصٍ، "فقال" سَعْدٌ: "صَدَقَ أخي"، أي: عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ؛ "قد كُنَّا نَفْعَلُ" في عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "هذا"، أي: التَّطبيقَ، "ثُمَّ أَمَرَنا" النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعْدَ ذلك "بهذا؛ يَعْني: الإمساكَ على الرُّكبتَينِ"، أي: وَضْعَ اليدَينِ على الرُّكْبتينِ مَعَ القَبْضِ علَيهِما وتفريقِ الأصابِعِ، ويَعني بهذا أنَّ التَّطبيقَ الذي ذَكَرَه ابنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه كان حُكمًا في ابتِداءِ الإسلامِ، ثمَّ نُسِخَ بعدَ ذلِك وصارَ الحُكمُ المُعمولُ به هو وضْعَ اليَدينِ على الرُّكبتَينِ، ولم يَبْلُغِ ابنَ مَسعودٍ نَسْخُه؛ فحَدَّث بالشَّيءِ الذي كان يَعْلَمُه
وفي الحَديثِ: ما كان عليه الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم مِن الأَدبِ وتَبليغِ كلِّ واحدٍ منهم ما عِندَه مِن عِلمٍ