ما يدبغ به جلود الميتة 1
سنن النسائي
أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، والليث بن سعد، عن كثير بن فرقد، أن عبد الله بن مالك بن حذافة، حدثه عن العالية بنت سبيع، أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثتها، أنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحصان، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أخذتم إهابها؟» قالوا: إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطهرها الماء والقرظ»
أحلَّ اللهُ عزَّ وجلَّ لعِبادِه الطَّيِّباتِ مِن الرِّزقِ، وحرَّمَ عليهم الخَبائثَ، وشَرْعُ اللهِ عزَّ وجلَّ فيما أحلَّ وحرَّمَ كلُّه رَحمةٌ ولُطْفٌ
وفي هذا الحديثِ يَحكي عَبدُ الله بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله علَيه وسلَّمَ وَجَدَ شاةً مِّيْتةً كانتْ قدْ أُعْطِيت صَدَقةً لمَولاةٍ -وهي الأَمَةُ والعَبْدةُ- لِمَيْمونةَ بنتِ الحارِثِ أُمِّ المُؤمنينَ رَضيَ اللهُ عنها، فلَم يُنكِرْ عليها النبيُّ صلَّى الله علَيه وسلَّمَ، وفي هذا دَلالةٌ على مَشروعيَّةِ الصَّدقةِ على مَوالي أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لكنْ بشَرْطِ ألَّا تكونَ السَّيِّدةُ هاشميَّةً، ولا مُطَّلبيةً، كزَينبَ بنتِ جَحْشٍ؛ لِحَديثِ أبي داودَ والنَّسائيِّ: «إنَّ الصَّدقةَ لا تَحِلُّ لنا، وإنَّ مَولى القومِ منْهم»
فلمَّا رَأى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الشاةَ المَيتةَ قال: هَلَّا انتَفَعْتُم بجِلدِها؟ وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: «فدَبَغْتُموه فانْتَفَعْتُم به»، والدِّباغُ هو تَطهيرُ وتَنظيفُ الجِلدِ بالمِلحِ أو أيِّ مادةٍ أُخرى، ثمَّ تَجفيفُه، فذَكَروا له أنَّها مَيْتةٌ، على اعتِبارِ أنَّ المَيتةَ مُحرَّمٌ الانتفاعُ بها، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّما حَرُمَ أكْلُها، أي: اللَّحمُ حَرامٌ لا الجِلْدُ
وفي هذا دَلالةٌ على أنَّه يُشرَعُ الانتفاعُ بجِلدِ الميتةِ بعْدَ الدَّبغِ إذا كانت مَأكولةَ اللَّحمِ، وقيل: يَشمَلُ جميعَ الحيواناتِ عدا الكلْبَ والخِنزيرَ
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ الصَّدقةِ على مَوالي زَوجاتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ