باب التيمم لمن يجد الماء بعد الصلاة
سنن النسائي
أخبرنا مسلم بن عمرو بن مسلم قال: حدثني ابن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، أن رجلين تيمما وصليا، ثم وجدا ماء في الوقت، فتوضأ أحدهما وعاد لصلاته ما كان في الوقت ولم يعد الآخر، فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك». وقال للآخر: «أما أنت فلك مثل سهم جمع»
شرَعَ اللهُ التَّيمُّمَ لِمَن أرادَ الصَّلاةَ وفقَدَ الماءَ أو عَجَز عن استعمالِه؛ تخفيفًا وتَيسيرًا على عبادِه
وفي ذلك يُخبِرُ أبو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ رَضِي اللهُ عَنه فيَقولُ: "خرَج رَجُلانِ في سفَرٍ"، أي: سافَر رَجُلان مِن صَحابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فحضَرَتِ الصَّلاةُ"، أي: دخَل وقتُ الفريضَةِ، "وليس معَهما ماءٌ"، أي: للوُضوءِ، "فتيَمَّما صَعيدًا طيِّبًا فصَلَّيا"، أي: صلَّى الرَّجُلان بطُهورِهما بالتَّيمُّمِ، والتَّيمُّمُ: مسْحُ الوجْهِ واليدَينِ بتُرابٍ طاهِرٍ مِن جِنْسِ الأرضِ، "ثمَّ وجَدا"، أي: الرَّجلان، "الماءَ في الوقْتِ"، أي: وجَدا الماءَ قبْلَ أنْ يخرُجَ وقتُ الصَّلاةِ الَّتي صلَّيَاها بالتَّيمُّمِ، "فأعاد أحدُهما الصَّلاةَ والوُضوءَ، ولم يُعِدِ الآخَرُ"، أي: جدَّد أحَدُ الرَّجُلَين وُضوءَه، ثمَّ صلَّى صلاتَه تلك مرَّةً أُخرَى، ولم يَفعَلْ ذلك الآخَرُ، "ثمَّ أتَيا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فذكَرا ذلك له"، أي: مِن إعادَةِ أحدِهما للصَّلاةِ وعدَمِ إعادَةِ الآخَرِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "للَّذي لَم يُعِدْ"، أي: الصَّلاةَ: "أصبْتَ السُّنَّةَ"، أي: فعَلتَ الصَّوابَ الَّذي تَأمُرُ به الشَّريعَةُ، "وأجْزَأَتْكَ صَلاتُكَ"، أي: كَفَتْك صلاتُكَ الَّتي صلَّيتَها بالتَّيمُّمِ وأسقطَتْ عنك الفريضَةَ، وقال للَّذي توضَّأَ وأعادَ: "لك الأجْرُ مَرَّتين"، أي: لك أجرُ الصَّلاةِ مرَّتينِ؛ مرَّةً بالتيمُّمِ ومرَّةً بالوُضوءِ؛ فإنَّ كلَّ صلاةٍ مِنهما صَحيحةٌ يَترتَّبُ عليها أجرٌ، وإنْ كانتْ إحداهما تَقعُ فَرْضًا والأخرى تَقعُ نفلًا، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: 30]
وفي الحديثِ: أنَّ مَن صلَّى بالتيمُّمِ ثم وجَد الماءَ قبلَ خروجِ الوقتِ لا إعادةَ عليه