باب الجمع بين الصلاتين
حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن نافع عن أبى مودود عن سليمان بن أبى يحيى عن ابن عمر قال ما جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء قط فى السفر إلا مرة. قال أبو داود وهذا يروى عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا على ابن عمر أنه لم ير ابن عمر جمع بينهما قط إلا تلك الليلة يعنى ليلة استصرخ على صفية وروى من حديث مكحول عن نافع أنه رأى ابن عمر فعل ذلك مرة أو مرتين.
الجَمعُ بيْن الصَّلاتينِ في السَّفرِ مِنَ الرُّخصِ الَّتي رَخَّصَ اللهُ فيها لِعبادِه المسلِمينَ؛ تَخفيفًا عليهم، ودَفْعًا لِلمشقَّةِ الَّتي قد تَترتَّبُ على إلْزامِهم بِصَلاةِ كلِّ فرْضٍ في وَقتِه
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَجمَعُ بيْن المغربِ والعِشاءِ إذا جَدَّ به السَّيرُ وأرادَ الإسراعَ في سَفرِه، فرخَّصَ لِلمُسافرِ في الجمْعِ بيْنَ الظُّهرِ والعصرِ، وبيْن المغربِ والعِشاءِ في وَقتِ أحدِهما، ويَفعَلُ الأرفَقَ به، كما في حَديثِ مُسلمٍ عن مُعاذِ بنِ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه: «جَمَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزوةِ تَبوكَ بيْنَ الظُّهرِ والعصْرِ، وبيْن المغرِبِ والعِشاءِ»
وللجَمعِ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ طَريقتانِ حسَبَ ما يَتيسَّرُ؛ الأُولى: جمْعُ تَقديمٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ العصرَ مع الظُّهرِ في وقْتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ مع المَغرِبِ في وَقتِ المَغرِبِ، والثَّانيةُ: جَمعُ تَأخيرٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ الظُّهرَ مع العصرِ في وقْتِ العصرِ، ويُصلِّيَ المغرِبَ مع العِشاءِ في وقْتِ العِشاءِ، وهذا كلُّه مع قَصْرِ الصَّلَواتِ الرُّباعيَّةِ إلى رَكعتَينِ؛ فتَكونُ الصَّلاةُ جمْعًا وقَصْرًا، وليس في صَلاةِ المَغربِ قَصْرٌ. وصَلاةُ الفجرِ تُصلَّى مُنفرِدةً، ولا تُجمَعُ بغَيرِها، وكذا لا جمْعَ بيْن العصرِ والمغربِ، ومَن جَمَعَ بيْن الصَّلاتينِ لَزِمَه ألَّا يُطيلَ في الفصْلِ بيْنَهما، فإنْ طال الفصْلُ بيْنَهما لا يَجمَعُ، ويُصلِّي الأخرى في وَقْتِها
وفي الحديثِ: بَيانُ تَيسيرِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ في العباداتِ