باب الحديث عن بنى إسرائيل

باب الحديث عن بنى إسرائيل

 حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا على بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج ».

حثت الشريعة المطهرة على تبليغ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، كل بحسب استطاعته وعلمه، بشرط تحري الصحة والصدق فيما يبلغ عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية»، أي: أخبروا الناس وعلموهم بكل ما جاء عني وبلغتكم به، من قرآن أو سنة، واقتصر هنا على الآية؛ ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآيات والعلم، ولو كان قليلا، ولو آية واحدة؛ بشرط أن يبلغ الآية صحيحة على وجهها. وقوله: «آية» يشمل القرآن المتواتر والحديث النبوي الصحيح؛ لأن الحديث في حكم الآية القرآنية من حيث إنه وحي من الله عز وجل؛ قال الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر: 7].
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «وحدثوا عن بني إسرائيل»، أي: وأخبروا بما حدثكم به بنو إسرائيل، واسمعوا لما يحدثونكم به مما لا يتعارض مع الشرع، وبما لا تعلمون كذبه، «ولا حرج»، أي: لا يقع عليكم شيء من الإثم والذنب في الحديث عنهم. وليس المقصود من قوله: «لا حرج» إباحة الكذب في أخبارهم، ورفع الإثم عن نقل الكذب عنهم، بل هذا ترخيص في الحديث عنهم على البلاغ وإن لم يتحقق ذلك بنقل الإسناد؛ لتعذره بطول المدة، بخلاف أحكام شريعة الإسلام؛ فإن الأصل فيها التحديث بالاتصال
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن كذب علي متعمدا»، أي: من قصد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعمد ذلك، لا من أخطأ، فليتهيأ وليستعد إلى دخوله النار وإلى مقعده الذي فيها، الذي قد أوجبه هو على نفسه بكذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعمد الكذب عليه، وهذا وعيد شديد دال على كبر هذه المعصية. وخص النبي صلى الله عليه وسلم الكذب عليه بالتحذير -وإن كان الكذب كله حراما-؛ لأن كلامه صلى الله عليه وسلم تشريع، وكلام غيره ليس كذلك؛ فالكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم مضرة، وأعظم إثما
وفي الحديث: الترهيب والتحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم