‌‌باب الخطبة يوم العيد

‌‌باب الخطبة يوم العيد

حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، ومحمد بن بكر، قالا: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعته يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم «قام يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم، نزل فأتى النساء، فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه تلقي فيه النساء الصدقة»، قال: تلقي المرأة فتخها ويلقين ويلقين، وقال ابن بكر: فتختها

( فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ) كَمَا كَانَ دَأْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ ) قَالَ الْقَاضِي : هَذَا النُّزُولُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، إِنَّمَا نَزَلَ إِلَيْهِنَّ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَةِ الْعِيدِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ وَعْظِ الرِّجَالِ كَمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هَذَا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ أَتَاهُنَّ بَعْدَ فَرَاغِ خُطْبَةِ الرِّجَالِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ وَعْظِ النِّسَاءِ وَتَذْكِيرِهِنَّ الْآخِرَةَ وَأَحْكَامَ الْإِسْلَامِ ، وَحَثُّهُنَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ وَخَوْفٌ عَلَى الْوَاعِظِ أَوِ الْمَوْعُوظِ وَغَيْرِهِمَا ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ خُطْبَتَهُ كَانَتْ عَلَى شَيْءٍ عَالٍ 

وَفِيهِ أَنَّ النِّسَاءَ إِذَا حَضَرْنَ صَلَاةَ الرِّجَالِ وَمَجَامِعِهِمْ يَكُنَّ بِمَعْزِلٍ عَنْهُمْ خَوْفًا مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ نَظْرَةٍ أَوْ فِكْرٍ وَنَحْوِهِ . وَفِيهِ أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بَلْ تَكْفِي فِيهَا الْمُعَاطَاةُ لِأَنَّهُنَّ أَلْقَيْنَ الصَّدَقَةَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ غَيْرِ كَلَامٍ مِنْهُنَّ وَلَا مِنْ بِلَالٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ : تَفْتَقِرُ إِلَى إِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِاللَّفْظِ كَالْهِبَةِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، وَبِهِ جَزَمَ الْمُحَقِّقُونَ 

( وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : فِيهِ أَنَّ الْخَطِيبَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ كَالْقَوْسِ وَالسَّيْفِ وَالْعَنَزَةِ وَالْعَصَا أَوْ يَتَّكِئَ عَلَى  إِنْسَانٍ ( وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَسَطَهُ لِيَجْمَعَ الصَّدَقَةَ فِيهِ ( قَالَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ فَتَخَهَا ) . هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاحِدُهَا فَتَخَةٌ كَقَصَبَةٍ وَقَصَبٍ ، وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ هِيَ الْخَوَاتِيمُ الْعِظَامُ ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : هِيَ خَوَاتِيمُ لَا فُصُوصَ لَهَا وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ خَوَاتِيمُ يُلْبَسُ فِي أَصَابِعِ الْيَدِ ، قَالَ ثَعْلَبٌ قَدْ يَكُونُ فِي أَصَابِعِ الْوَاحِدِ مِنَ الرِّجَالِ ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : وَقَدْ يَكُونُ لَهَا فُصُوصٌ ، وَتُجْمَعُ أَيْضًا فَتَخَاتٌ وَأَفْتَاخٌ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ صَدَقَةِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ . قَالَ مَالِكٌ : لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا إِلَّا بِرِضَاءِ زَوْجِهَا ( وَقَالَ ابْنُ بَكْرٍ : فَتَخَهَا ) بِزِيَادَةِ التَّاءِ 

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ