باب الخمر مفتاح كل شر
سنن ابن ماجه
حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، حدثنا ابن أبي عدي (ح)
وحدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا عبد الوهاب: جميعا عن راشد أبي محمد الحماني، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء
عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تشرب الخمر، فإنها مفتاح كل شر" (1)
أحَلَّ اللهُ لنا الطَّيِّباتِ وحرَّمَ علينا الخبائِثَ، وأمَرَنا بأنْ نحفَظَ عُقولَنا؛ فإنَّها مَناطُ التَّكليفِ، والخمرُ مُذهِبةٌ للعَقلِ، ولذلك نهى عنها، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ أبو الدَّرداءِ رضِيَ اللهُ عنه: "أَوْصاني خَلِيلي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا تشرَبِ الخمْرَ"، والخمْرُ: هي كلُّ ما خامَرَ العقْلَ، وقد قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90]؛ "فإنَّها مِفتاحُ كلِّ شرٍّ"، أي: أصْلُه ومَنبعُه؛ لأنَّها تُزِيلُ العقْلَ، فلا يُبالي شاربُها بشيءٍ فعَلَه بَعدَ سُكرِه؛ فقدِ انفتَحَ له بابُ الشَّرِّ بعد أنْ كان مُغلَقًا بقيدٍ العقْلِ، ولقدِ اجتمَعَتْ كلُّ مُوبقاتِ الذُّنوبِ ومُوجباتِ النَّدَمِ في الخمْرِ، ويشمَلُ ذلك كلَّ أشكالِها وألوانِها وأنواعِها، وعلى اختلافِ أسمائِها، ودَرجاتِ الإسكارِ منها، والخمْرُ أيضًا مِفتاحٌ لكلِّ شَرٍّ في الدُّنيا والآخرةِ؛ لسُوءِ العاقبةِ والجزاءِ؛ فقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كما عندَ أبي دوادَ- : ((مَن شرِبَ الخمْرَ في الدُّنيا، ثمَّ لم يتُبْ منها، حُرِمَها في الآخرةِ))، ومِن المعروفِ أنَّ الجنَّةَ فيها خَمْرٌ لكنَّه لا يُشْبِهُ خمْرَ الدُّنيا؛ قال تعالى: {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} [محمد: 15]، ومِن سُوءِ العاقِبَةِ في الآخرةِ: أنَّ مُدْمِنَ الخمْرِ سيَسْقِيه اللهُ مِن نهْرِ الخَبالِ، كما رَوَى ذلك التِّرمذيُّ، والخبالُ عَرَقُ أهْلِ النَّارِ أو عُصارتُهم، وهو شرابٌ لا يَروِي من عطشٍ مع ما فيه من عذابٍ.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن شُرْبِ الخمْرِ، وبيانُ أنَّها مِفتاحُ الشَّرِّ في الدُّنيا والآخرةِ