باب الخوف 15

بطاقات دعوية

باب الخوف 15

وعن أبي ذر - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إني أرى ما لا ترون ، أطت السماء وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى . والله لو تعلمون ما أعلم ، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى )) رواه الترمذي ، وقال : (( حديث حسن )) .
و(( أطت )) بفتح الهمزة وتشديد الطاء و(( تئط )) بفتح التاء وبعدها همزة مكسورة ، والأطيط : صوت الرحل والقتب وشبههما ، ومعناه : أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلتها حتى أطت . و(( الصعدات )) بضم الصاد والعين : الطرقات : ومعنى : (( تجأرون )) : تستغيثون .

يوم القيامة يوم عظيم وشديد، يقوم فيه الناس بين يدي رب العالمين للحساب، وفيه من الأهوال ما يذهل العقول والألباب
وفي هذا الحديث يصف النبي صلى الله عليه وسلم لنا بعض ما في هذا اليوم، حيث يقول: «إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعا»، أي: إنه يملأ أرض المحشر ويرتفع عليها بقدر سبعين باعا؛ وذلك لدنو الشمس يوم القيامة من الرؤوس، والعرق: هو ما يطفح ويرشح من ماء من جلود الناس، والمراد: سيلانه بكثرة من الأجساد، والباع: قدر مد اليدين والذراعين بما في ذلك عرض الصدر، وإن ماء العرق يغرق فيه الناس حتى يصل إلى أفواههم أو إلى آذانهم
ويحتمل أن ذلك من عرق كل فرد؛ لحذره وخوفه مما يشاهده من الأهوال أو يؤمله ويرجوه، فيكون عرقه بقدر ذلك، ويحتمل أن يكون من عرقه وعرق غيره، فيخفف عن بعض، ويشدد على البعض
وقد بينت الأحاديث أن العرق يكون على قدر الأعمال؛ فمن الناس من يكون عرقه إلى كعبيه أو إلى وسط جسده، وهكذا حتى يلجم العرق بعض الناس ويدخل فمه، وقيل: إن هذا خاص بالكافرين والعصاة، أما المؤمنون فإن الله يخفف عنهم ويكون الموقف عليهم كموقفهم في صلاتهم
وقوله: «يشك ثور أيهما قال» أي: يشك ثور بن زيد الديلي -وهو من رواة الحديث- هل قال شيخه أبو الغيث سالم المدني: «إلى أفواه الناس، أو إلى آذانهم»
وفي الحديث: الترهيب من يوم القيامة
وفيه: أن فائدة الإخبار بهذه الأمور أن يتنبه السامع، فيأخذ في الأسباب التي تخلصه من تلك الأهوال، ويبادر إلى التوبة