باب الدعاء بالجهاد، والشهادة للرجال والنساء
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[إذا ذهب إلى قباء 7/ 140] يدخل على أم حرام بنت ملحان، فتطعمه- وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت-، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يوما] [في بيتها 225/ 3]، فاطعمته، وجعلت تفلي رأسه؛ [قالت]: فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: "ناس من امتي عرضوأ على غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج (5) هذا البحر [الأخضر 3/ 213]، ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة- شك إسحاق-". قالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (وفي رواية: قال: "اللهم! اجعلها منهم" 2/ 221. وفي طريق: فقال: "أنت معهم" 3/ 225)، ثم وضع رأسه، [فنام]، ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت:
وما يضحكك يا رسول الله؛ قال: "ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل الله" - كما قال في الأول (وفي رواية: الأولى 73/ 8) - قالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم. قال:
"أنت من الأولين [ولست من الآخرين 3/ 221] ".
[فتزوج بها عبادة بن الصامت]، [فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية]، فركبت البحر [ع بنت قرظة] في زمن معاوية بن أبي سفيان (6)، [فلما انصرفوا من غزوهم قافلين، فنزلوا الشام، فقربت إليها دابة لتركبها]؛ فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، [فاندقت عنقها]، فهلكت
أُمُّ حَرامٍ رضِيَ اللهُ عنها مِن مَحارِمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من قِبَل خالاتِه؛ لأنَّ أمَّ عَبدِ المطَّلِبِ كانت من بني النَّجَّارِ، وقيل: كانت إحدى خالاتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من الرَّضاعةِ، وهي أختُ أُمِّ سُلَيمٍ، وخالةُ أنَسِ بنِ مالِكٍ خادِمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان أنَسٌ يَتبَعُه ويذهَبُ معه، ولذلك كان يَدخُلُ عليها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَخَلَ مرَّةً على أمِّ حرامٍ بنتِ مِلحانَ رَضِيَ اللهُ عنها -يقال: اسمُها الغُمَيصاءُ، ويقالُ الرُّمَيصاءُ- فأطعمَتْه، ثُمَّ جعَلَتْ تَفْلِي رأْسَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتُفتِّشُه؛ لِتُخرجَ منه الأذى، فنامَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ استيقظَ وهو يَضحَكُ، فسَألَتْه أمُّ حَرامٍ رضِيَ اللهُ عنها عَن سبب ضَحِكِه، فقال لها: إنَّه رأى في المنامِ رُؤيا -ورؤيا الأنبياءِ حَقٌّ ووَحيٌ مِنَ اللهِ سُبحانَه- وإنَّه رَأى ناسًا مِن أُمَّتِه خَرَجوا في الغزْوِ يَركَبونَ «ثَبجَ هذا البَحْرِ» أي: وَسَط البَحرِ وظَهْرِه، كأنَّهم مِثلُ الملوكِ على أَسِرَّتِهم؛ لِاتِّساعِ السُّفنِ الَّتي يَركَبونَها، وفي هذا بُشرى منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باتِّساعِ مُلْكِ أمَّتِه حتى يركبوا غُزاةً في البَحرِ، فيَعْبُروا منه إلى البلادِ التي وراءه، فيفتحونَها، فسألت أمُّ حرامٍ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يدعوَ لها اللهَ أن يجعَلَها منهم، فدَعا لها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ وضَعَ رأْسَه مرةً أُخرى، ثُمَّ استيقَظَ وهو يَضحَكُ، فسَألَتْه أمُّ حَرامٍ رضِي اللهُ عنها عَن سَببِ ضَحكِه، فقال لها مِثلَ ما قال في المرَّةِ الأُولى، فكرَّرَتْ عليه طلَبَها بأنْ يَدْعوَ لها أنْ تكونَ منهم، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أنتِ مِنَ الأوَّلِينَ»، أي: مِن أوَّلِ مَن يكونُ على هذه السُّفنِ في وسَطِ البحرِ، فلمَّا كان زَمانُ خِلافةِ مُعاويةَ رضِي اللهُ عنه رَكِبَتْ أمُّ حرامٍ رضِيَ اللهُ عنها البَحْرَ في غزْوِ الرُّومِ، فلمَّا خرَجَتْ مِنَ البحرِ وفي الطَّريقِ لَمَّا رجعوا من غَزْوِهم صُرِعتْ عَن دابَّتِها، أي: وقعَتْ مِن فوْقِها فماتَتْ. قيل: خرجت مع زَوجِها في أوَّلِ غَزوةٍ كانت إلى الرُّومِ مع معاويةَ في زَمَنِ خِلافةِ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ سَنةَ ثَمانٍ وعِشرينَ، وكان معاويةُ أوَّلَ من أشار بصُنعِ الأُسطولِ الإسلاميِّ، وكان أوَّلَ من تأمَّرَ عليه في زَمَنِ خِلافةِ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.
وفي الحَديثِ: علامةٌ مِن علاماتِ نُبُوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.