باب الدعاء للميت

باب الدعاء للميت

حدثنا موسى بن مروان الرقى حدثنا شعيب - يعنى ابن إسحاق - عن الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على جنازة فقال « اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده ».

صلاة الجنازة رحمة للميت فقد شرعت للدعاء له، وعلى المسلم الذي يصلي على الميت أن يجتهد في الدعاء له بالمغفرة والرحمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسارع في الصلاة على من مات من المسلمين؛ فصلاته عليهم نور ورحمة، وكان يغضب إذا فاته ذلك؛ لأنه أرسل رحمة للعالمين، وفي هذا الحديث يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم ما نقوله في الدعاء على الميت؛ حيث أخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى على جنازة، فقال: "اللهم اغفر لحينا وميتنا"، أي: لجميع الأحياء والأموات من المسلمين، "وصغيرنا وكبيرنا"، أي: الشباب والشيوخ، "وذكرنا وأنثانا" أي: الرجال والنساء، "وشاهدنا"، أي: الذي حضر معهم الجنازة، "وغائبنا" أي: والذي غاب عنها، والغاية من هذا الجمع الشمول والاستيعاب
"اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان"، أي: التصديق القلبي، فلا نافع للعبد غيره وما كان من توابع له، "ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام"، أي: من قبضت روحه فاقبضها على الاستسلام والانقياد لك سبحانك، وتصديق القول والعمل يدخلان في الإسلام؛ فالإسلام إذا ذكر مع الإيمان فالمراد به العمل، وبعد الموت لا مجال إلا للإيمان، أي: الاعتقاد الصحيح
وفي رواية للترمذي وغيره بعكس ما هنا: "اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان"؛ قيل: وهذه الرواية أظهر وأنسب؛ لأن الإسلام هو التمسك بالأركان الظاهرية، وهذا لا يتأتى إلا في حالة الحياة، وأما الإيمان فهو التصديق الباطني، وهو الذي يطلب عليه الوفاة؛ فخص الوفاة بالإيمان؛ لأن الإسلام أكثر ما يطلق على الأعمال الظاهرة، وليس هذا وقتها؛ فالإيمان والإسلام إذا اجتمعا كان الإيمان أكمل من الإسلام؛ فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا؛ وعليه يكون المعنى: أن من أحييته فيحيى على الاستسلام والانقياد للأوامر والنواهي التي شرعتها، وأن من توفيته فيموت على إيمان كامل لا يشوبه شرك أو غيره
"اللهم لا تحرمنا أجره"، أي: أجر الميت واتباع جنازته، ومصابنا به، "ولا تضلنا بعده"، أي: لا تفتنا بعد هذا الميت، واجعلنا معتبرين بموته، مستعدين للقائك، فلا تلق علينا الفتنة بعد الإيمان بك
وفي الحديث: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الدعاء بالخير للمسلمين جميعا؛ الأحياء منهم والأموات