باب الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم34-2
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن أبي الثلج، - رجل من أهل بغداد أبو عبد الله صاحب أحمد بن حنبل - قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا سعيد بن زربي، عن عاصم الأحول، وثابت، عن أنس، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد ورجل قد صلى وهو يدعو ويقول في دعائه: اللهم لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أتدرون بم دعا الله؟ دعا الله باسمه الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى»: هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روي من غير هذا الوجه عن أنس
وفي هذا الحديثِ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "سَمِع رجلًا يَدْعو وهو يقولُ"، أي: في دُعائِه: "اللَّهمَّ"، أي: يا أللهُ، "إنِّي أسألُك، وأَدْعوك "بأنِّي أشهَدُ أنَّك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلَّا أنت"، أي: أُقِرُّ بأنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا أنتَ "الأحَدُ"، أي: المنفرِدُ في ذاتِه وصِفاتِه، وأسمائِه وأفعالِه، لا مَثيلَ له ولا نَظيرَ؛ لأنَّه سبحانه الكامِلُ في جميعِ صفاتِه وأحكامِه، وهو "الصَّمدُ"، أي: الَّذي يَقصِدُه الخلائقُ في قَضاءِ حَوائجِهم وطلَبِ مَسائلِهم، أو الكامِلُ في أنواع الشَّرفِ والسِّيادةِ؛ فهو السيِّدُ الذي قد كَمَلَ في سُؤددِه والعظيمُ الذي قدْ كمَلَ في عَظمتِه، "لم يَلِدْ"، أي: لم يَكُنْ له ولَدٌ، "ولم يولَدْ"، أي: لم يَكُن سبحانه وتعالى مولودًا، فلم يَكُنْ له والِدانِ، "ولم يَكُنْ له كفُوًا أحَدٌ"، أي: ليس له شبيهٌ ولا مثيلٌ مِن مخلوقاتِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "والَّذي نَفْسي بيدِه"، أي: أُقسِمُ باللهِ تعالى الَّذي نَفْسي وحَياتي بيَدِه وأمرِه، "لقد سأَل اللهَ"، أي: إنَّ هذا الرَّجلَ دعا اللهَ وتوسَّل إليه "باسمِه"، أي: باسمِ اللهِ "الأعظَمِ الَّذي إذا دُعي به"، أي: إذا نادَى العبدُ ربَّه واستَغاثَ باسمِه الأعظَمِ "أجابَ" اللهُ دُعاءَه، "وإذا سُئِل به"، أي: إذا طلَب العبدُ حاجةً مِن اللهِ مُتوسِّلًا باسمِه الأعظَمِ "أعطى"، أي: أعطاه اللهُ ما سأَل، وقضَى له حاجاتِه.
وقد اختُلِفَ في تَحديدِ اسمِ اللهِ الأعظمِ، ولعلَّ أقربَ الأقوالِ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمَ هو (الله)؛ لأنَّه الاسمُ الوحيدُ الذي يُوجَدُ في كلِّ النُّصوصِ التي جاءَ أنَّ اسمَ اللهِ الأعظمِ ورَدَ فيها، وأيضًا لأنَّه الاسمُ الجامعُ لِلهِ عزَّ وجلَّ الذي يَدلُّ على جَميعِ أسمائِه وصِفاتِه، وقِيلَ غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ للهِ تعالى اسمًا أعْظمَ، وبيانُ فَضلِ الدُّعاءِ والتَّوسُّلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ باسمِه الأعظمِ، وأنَّه إذا دُعي به أجابَ.