باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه
حدثنا إسحاق بن سويد الرملى حدثنا ابن أبى مريم أخبرنا نافع - يعنى ابن يزيد - قال حدثنى ابن الهاد أن سعيد بن أبى سعيد المقبرى حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان ».
الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وفي هذا الحديث بيان لصورة من صور زيادة الإيمان ونقصانه، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان) أي: نقص إيمانه، وخرج كماله ونوره، وقيل: إن المراد به الزجر والوعيد، والتحذير بسوء العاقبة دون حقيقة الخروج عن الإيمان، كقولهم: فلان لا عقل له، وقيل غير ذلك في معنى قوله: ( خرج منه الإيمان)
وقوله: (كان عليه كالظلة) أي: كان الإيمان قريبا منه مظللا عليه، و"الظلة" أول سحابة تظل الأرض، وفي هذا إشارة إلى أنه لا يزول عنه حكم الإيمان، (فإذا انقطع رجع إليه الإيمان) أي: إن تاب وأناب وحد- أي: أقيم عليه الحد- من هذه الفاحشة، رجع إليه إيمانه فاستكمله، وأخذ في القوة والازدياد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ماعز: (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم)
ولعل أمثال هذا الحديث خرجت من النبي صلى الله عليه وسلم مخرج الوعيد والردع والزجر لمن يقترف هذه الفاحشة؛ لأنه لا يليق بالمؤمن أن يفعلها، فسلب منه كمال الإيمان
وفي الحديث: أن الإيمان يسلب من العبد حال التلبس بالكبيرة، فإذا فارقها وتاب منها عاد إليه الإيمان