باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام
حدثنا مسدد، وأحمد بن محمد المروزي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف، وعبد الله بن محمد الزهري، وابن السرح، قالوا: حدثنا سفيان، عن الزهري، سمعت ابن أكيمة، يحدث سعيد بن المسيب، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها الصبح بمعناه إلى قوله: «ما لي أنازع القرآن»، قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر: عن الزهري، قال أبو هريرة: فانتهى الناس، وقال عبد الله بن محمد الزهري: من بينهم، قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس، قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: «ما لي أنازع القرآن»، ورواها لأوزاعي، عن الزهري، قال فيه: قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرءون معه فيما جهر به صلى الله عليه وسلم، قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس، قال: قوله: فانتهى الناس من كلام الزهري
كان النبي صلى الله عليه وسلم معلما حكيما، ومربيا حليما، فإذا رأى ما يكرهه لم يزجر ولم ينهر، وإنما يعلم بأدب، ويربي بحكمة صلى الله عليه وسلم
وفي هذا الحديث يحكي أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "انصرف من صلاة"، أي: انتهى من صلاة، "جهر فيها بالقراءة"، أي: صلاة جهرية كأن تكون الفجر أو المغرب أو العشاء، فقال: "هل قرأ معي أحد منكم؟"، أي: هل كان أحد منكم يقرأ معي أثناء الصلاة وأنا أقرأ، "آنفا"- أي: من قبل؟ والمقصود: في تلك الصلاة التي سلم منها، "فقال رجل: نعم يا رسول الله"، أي: اعترف رجل، وقال: نعم يا رسول الله، أنا الذي كنت أقرأ معك في الصلاة
"قال"، أي: النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أقول"، أي: أقول لنفسي متعجبا، "ما لي أنازع القرآن!"، أي: ما لي أشارك وأنافس في قراءة القرآن؟! "فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: فلم يقرأ أحد مع النبي عليه الصلاة والسلام ثانية وهو يصلي "فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات"، أي: في الصلوات الجهرية التي يجهر فيها الإمام بالقراءة؛ وهي: الفجر، والمغرب، والعشاء، "حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أي: عندما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم قراءتهم خلفه، وقال: ما لي أنازع القرآن!
وفي الحديث: النهي عن القراءة خلف الإمام
وفيه: الحث على الخشوع والتدبر فيما يتلى في الصلاة