حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا أنس يعني ابن عياض، عن عبيد الله، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل من الأنصار، أن امرأة كانت تهراق الدماء، فذكر معنى حديث الليث قال: «فإذا خلفتهن وحضرت الصلاة فلتغتسل»، وساق الحديث بمعناه
في هذا الحديثِ بيانٌ لحُكْمِ المرأةِ المُسْتَحاضةِ، والاسْتِحاضةُ هي سيَلانُ الدَّمِ مِنَ المرأةِ في غيرِ وقْتِ الحَيضِ أو النِّفاسِ
وفيه أنَّ امرأةً كانتْ "تُهَراقُ الدِّماءَ"، يَعْني: يَسيلُ الدَّمُ عليها على عَهْدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فاسْتَفتَتْ لها"، أي: سأَلَتْ "أُمُّ سَلَمَةَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" عَنْ سُؤالِ المرأةِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيالي والأيَّامِ الَّتي كانت تَحيضُهنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أنْ يُصيبَها الَّذي أصابَها"، والمعنى: أنَّها تَنْظُرُ إلى الأيَّامِ الَّتي كانَتْ تأتيها فيها العادةُ قَبْلَ أنْ يُصيبَها الدَّاءُ الَّذي حَصَل معَه اسْتِمرارُ سيَلانِ الدَّمِ، "فلْتَتْرُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلك"، يَعني: قَدْرَ الأيَّامِ الَّتي كانَتْ تَحيضُ فيهنَّ "مِنَ الشَّهْرِ" قَبْلَ إصابَتِها، "فإذا خَلَّفَتْ ذلك" وتَرَكَتْ أيَّامَ الحيضِ الَّذي كانت تَعْهَدُه وراءَها "فلتَغْتَسِلْ، ثمَّ لتَسْتَثْفِرْ بثوبٍ"، يَعني: تَشُدَّ على فَرْجِها بثَوبٍ أو بخِرْقةٍ تَحْشيها قُطْنًا، وتَرْبِطْ طَرَفَيِ الخِرْقةِ في شيءٍ يُشَدُّ على وَسَطِها، فيَمْنَعُ بذلك سيلَ الدَّمِ، "ثُمَّ لتُصلِّ فيه"
وفي الحَديثِ: أنَّ دَمَ الاسْتِحاضَةِ لا يَمْنَعُ مِنَ الصَّلاةِ وسائرِ العباداتِ؛ بخِلافِ دَمِ الحَيضِ الذي يَمْنَعُ مِنَ الصَّلاةِ مِن غيرِ قَضاءٍ لها