باب الرايات والألوية1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم
عن الحارث بن حسان، قال: قدمت المدينة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قائما على المنبر، وبلال قائم بين يديه، متقلد سيفا، وإذا راية سوداء، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا عمرو بن العاص قدم من غزاة (2)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُمارِسُ أمورَ الدِّينِ والدُّنيا في سِياسةِ الأُمَّةِ، فكان نَبيًّا مُرشدًا، وقائدًا يَبعثُ الجُيوشَ ويَعقِدُ الأَلْوِيةَ والرَّاياتِ لِبُعوثِه، ويُوجِّهُهم إلى الجِهاتِ لِنشْرِ الدِّين، وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لِبعضِ ذلك، وفيه يقولُ الحارِثُ بْنِ حَسَّانٍ البَكريُّ رضِيَ اللهُ عنه: «قَدِمتُ المَدينةَ فَرأيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَائمًا على المِنبَرِ»، أي: واقِفًا على المِنْبَرِ يَخطُبُ النَّاسَ لأمْرٍ مُهِمٍّ وليس بِيومِ جُمُعةٍ، «وبِلالٌ قَائمٌ بين يَديهِ مُتَقَلِّدًا سَيفًا»، أي: يَقفُ أمام النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتحت المنْبَرِ مُمسِكًا بالسَّيفِ في غِمْدِه أو شاهرًا إيَّاه.
قال: «وإذا رَايةٌ سَوداءُ»، أي: رَايةٌ سَوداءُ مَعقودةٌ، والرَّايةُ: هي العَلَمُ الذي يُعقَدُ؛ لِيكونَ شِعارًا للجَيشِ يُعرَفُ به، «فَقلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا عَمرو بْنُ العاص، قَدِمَ من غَزَاةٍ»، أي: رَجَعَ من حَربٍ كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد وَجَّهَه إليها، وفي رِوايةِ التِّرمِذي: «يُريدُ أن يَبْعَثَ عَمْرو بْنَ العاص وَجْهًا».
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُمارِسُ سِياسةَ الأُمَّة من مَسجِدِه.
وفيه: مَشروعِيَّةُ اتِّخاذِ رَاياتٍ سَوداءَ للجُيوشِ.
وفيه: تَوجيهُ القائِدِ للجُيوشِ ونُصحُه لهم.