باب الرجحان في الوزن 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن بشار، ومحمد بن الوليد، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، قال:
سمعت مالكا أبا صفوان بن عميرة، قال: بعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل سراويل قبل الهجرة، فوزن لي فأرجح لي (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحسنَ الناسِ مُعاملةً وعِشرةً، وقد علَّمَنا الأمانةَ في البيعِ والشِّراءِ مَع تَحرِّي إيفاءِ الحُقوقِ واستيفائِها في المُساوَمةِ على البيعِ أيضًا، مع دَفْعِ الأثمانِ كامِلةً.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو صَفْوانَ مالِكُ بنُ عُمَيرةَ رَضِي اللهُ عنه: "بِعتُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: بِعتُ له واشترى مِنِّي "رِجْلَ سَراويلَ"، أي: ثِيابًا وأقمِشَةً للسَّراويلِ الَّتي تَستُرُ الجزءَ السُّفليَّ مِن البدَنِ، "قبلَ الهِجْرةِ"، أي: وهو في مَكَّةَ قبلَ أن يُهاجِرَ إلى المدينةِ، "فوَزَن لي فأرجَحَ لي"، وهو مِن رُجْحانِ الميزانِ، وإيفائِه كامِلًا دونَ نُقْصانٍ عندَ البيعِ والشِّراءِ، واستِعمالُ الميزانِ أبرَأُ للذِّمَّةِ عندَ وزْنِ النُّقودِ الَّتي هي ثمَنُ المبيعَ، وهذا من السَّماحةِ في التعامُلِ. وفي هذا الحديثِ دَلالةٌ فِعليَّةٌ- وهي أَقْوى مِن القوليَّةِ- على ما يَجِبُ على المُسلِمِ في إيفاءِ الحُقوقِ في البيعِ والشِّراءِ مع المسلِمين ومعَ غيرِ المسلِمين. وعند ابنِ ماجهْ أيضًا من حديثِ جابرٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "رحِمَ اللهُ عبدًا سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترَى، سمحًا إذا اقتَضَى".