باب الرجم1
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله
عن ابن عباس، قال: قال عمر بن الخطاب، لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل: ما أجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة من فرائض الله، ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل وقامت البينة، أو كان حمل أو اعتراف، وقد قرأتها (الشيخ والشيخة إذا زنيا (1) فارجموهما البتة) رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده (2)
كان فيما أُنزلَ مِنَ القُرآنِ: (والشَّيْخُ وَالشَّيخةُ إذا زَنَيَا فارْجُموهما الْبتَّةَ نَكالًا مِن اللهِ)، ثم نُسِختْ هذه الآيةُ ورُفِعتَ تِلاوتُها، ولكنْ بقِيَ حُكمُها مَعمولًا به، وقدْ ثَبَتَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أقامَ حدَّ الرَّجمِ.
وفي هذا الحديثِ يُحذِّرُ عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه مِنْ أنْ يَأتِيَ أحدٌ بعْدَ مرورِ الأزمِنَةِ وتباعُدِ الأجيالِ عن زَمَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وزَمَنِ أصحابِه، فيقولَ: إنَّ الرَّجمَ -وهو الرَّميُ بالحِجارةِ على من ثبت عليه الزِّنا وهو متزوِّجٌ، أو سبق له الزَّواجُ- ليْسَ مَوجودًا في كتابِ اللهِ تعالَى، فيكون ذلك سَببًا في ضَلالِه؛ لأنَّه بذلكَ يكونُ قدْ ترَكَ فَريضةً فرَضَها اللهُ، وثَبَتَتْ بِسنَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقدْ فَعَلَها النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفعَلَها الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم مِن بعْدِه، ثمَّ يُبيِّنُ عُمرُ رضِيَ اللهُ عنه أنَّ حُكمَ الزِّنا يَثبُتُ على المُحصَنِ -وهو المتزوِّج- بِالبينِّةِ، وهي شَهادةُ الشُّهودِ، أو بِظُهورِ الحبَلِ على المرأةِ المَزنِيِّ بها وهي غيْرُ متزوِّجةٍ، مع انتفاءِ الشُّبهةِ أو بِاعترافِ مُرتكِبِ الزِّنا، ثمَّ قال عُمَرُ: «ألَا وقدْ رَجمَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورجمْنَا بعْدَه»، وهو تأكيدٌ مرَّةً أُخرى على حَدِّ الرَّجْمِ.