باب الرجوع فى الهبة
حدثنا سليمان بن داود المهرى أخبرنا ابن وهب أخبرنى أسامة بن زيد أن عمرو بن شعيب حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « مثل الذى يسترد ما وهب كمثل الكلب يقىء فيأكل قيئه فإذا استرد الواهب فليوقف فليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب ».
طلب رد الهبة أو الهدية من الأمور المذمومة والمستقبحة؛ وفي هذا الحديث يشبه النبي صلى الله عليه وسلم الذي يسترد هديته بقوله: "مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب؛ يقيء فيأكل قيئه"، فهذا تشبيه لمن يطلب رد الهبة أو الهدية بالكلب الذي يعود في رجيعه، وقليلا ما جاء هذا التشبيه في الشريعة؛ مما يدل على عظم قبح هذه الفعلة؛ وإنما شبهه بالقيء ولم يشبهه بغيره من المحرمات؛ تقبيحا لشأنه، وأن النفس كما تكره الرجوع في القيء وتأنف منه وتستقذره؛ فهكذا ينبغي أن تنفر من الرجوع في الهبة وتكرهه
ثم قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا استرد الواهب"، أي: طلب رد الهدية التي وهبها، "فليوقف فليعرف بما استرد"، يعني: يسأل: لم طلب استرداد الهدية، أو يكون المعنى: فليعرف ويوقف ويتم تعريفه بحكم الرجوع في الهبة، وأن ذلك غير سائغ، وأن هذا مثل صنيع الكلب الذي يقيء فيعود في قيئه "ثم ليدفع إليه ما وهب"، أي: يرد إليه ما وهبه ويرجع له ولا يعطى أكثر منه، أي: ترد إليه بعد ذكر السبب ما لم يمنع مانع من موانع الرجوع؛ كتلف الهدية ونحو ذلك
وفي الحديث: ذم طلب رد الهبة أو الهدية، وهذا يتضمن النهي عن ذلك