باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث بن سعد، عن عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج، عن عمرو بن دينار، عن طاوس
عن ابن عباس: أنه لما سمع إكثار الناس في كراء الأرض، قال: سبحان الله، إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا منحها أحدكم أخاه" ولم ينه عن كرائها (2).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُرشِدُ أصحابَه إلى عدَمِ التَّنازُعِ، وخاصَّةً في المعامَلاتِ الَّتي يَنبَغي أن تَكونَ واضِحةَ الحدودِ والمعالِمِ، ومِن ذلك كِراءُ الأرضِ.
وفي هذا الأثَرِ أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما "لَمَّا سَمِع إكثارَ النَّاسِ في كِراءِ الأرضِ"، أي: لَمَّا سَمِعَ اختلافَهم في النَّهيِ الَّذي أخبَر به رافِعُ بنُ خَدِيجٍ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ وذلك أنَّهم كانوا يَعُدُّون الكِراءَ نافِعًا لأرضِهم، كما جاء في حديثٍ آخَرَ، وكان كَراءُ الأرضِ زمَنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يكونُ بأَخْذِ نصيبٍ مِن الثَّمَرِ أُجرةً على الأرضِ، قال ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "سبحانَ اللهِ، إنَّما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ألَا منَحَها أحَدُكم أخَاه"، أي: يُعطيها له لزِراعتِها على وجْهِ الهِبَةِ والهديَّةِ والمِنْحةِ، "ولم يَنْهَ عن كِرائِها"، أي: أرشَدَهم إلى طريقةٍ حسَنةٍ في المعامَلةِ، ولم يَنهَهُم عن كِراءِ الأرضِ.
وقد ورَد عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في آخِرِ حياتِه أنَّه قد أعطَى خيبرَ لليَهودِ على أن يَعْمَلوها، ويَزْرَعوها، ولهم شَطْرُ ما خرَج مِنها، وعَمِل بذلك أبو بكرٍ وعُمرُ فترةً، حتَّى أجْلاهم مِن خَيبرَ.