باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شغله
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله
ما ترك النبي صلى الله عليه وسلم خيرا فيه صلاح الدين أو الدنيا، إلا ووجه إليه وحثه عليه، وما ترك شرا يضر بالمؤمن في دينه أو دنياه، إلا وحذره منه
وفي هذا الحديث يذكر صلى الله عليه وسلم أن السفر إلى بلد أخرى غير بلد الإقامة جزء من العذاب، والمراد بذلك العذاب الدنيوي، ثم علل ذلك بقوله: «يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه»، أي: كمال ذلك ولذته؛ لما فيه من معاناة الحر والبرد، والخوف، ومفارقة الأهل والأصحاب، وخشونة العيش، فيؤخر المسافر أكله ونومه عن وقته المألوف، ولا يحصل له منه القدر الكافي أو اللذة المعتادة
ثم أوصى صلى الله عليه وسلم المسافر بأنه إذا قضى حاجته التي سافر من أجلها، وانتهى منها؛ فعليه أن يعجل بالرجوع إلى وطنه وأهله؛ ليقطع هذا العذاب الذي سيستمر بسفره، ولكى يتعوض من ألم ما ناله من ذلك، فينال الراحة والدعة في أهله. وعبر بالنهمة التي هي بلوغ الهمة؛ إشعارا بأن الكلام في سفر لأرب دنيوي، كتجارة، دون السفر الواجب، كحج، وغزو
وليس كون السفر قطعة من العذاب بمانع أن يكون فيه منفعة ومصحة لكثير من الناس؛ لأن في الحركة والرياضة منفعة، ولا سيما لأهل الدعة والرفاهية، كالدواء المر المعقب للصحة وإن كان في تناوله كراهية
وفي الحديث: كراهة التغرب عن الأهل لغير حاجة
وفيه: حث المسافر على استعجال الرجوع من السفر إلى أهله، ولا سيما من يخشى عليهم الضيعة بالغيبة
وفيه: أن في الإقامة في الأهل راحة معينة على صلاح الدين والدنيا
وفيه: الترغيب في الإقامة؛ لئلا تفوته الجمعات والجماعات، والحقوق الواجبة للأهل والقرابات