باب السهو في الصلاة والأمر بالسجود فيه 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها (1) مغضبا وفي القوم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس قصرت الصلاة (2) فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمينا وشمالا فقال ما يقول ذو اليدين قالوا صدق لم تصل إلا ركعتين فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع قال (3) وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال وسلم. (م 2/ 86
الصَّلاةُ عِبادةٌ رُوحيَّةٌ، وفيها يَقِفُ العبدُ بيْن يَدَيْ ربِّه سُبحانه وتعالى، ويَلْزَمُ فيه الخُشوعَ والتَّدبُّرَ وعدَمَ الانشغالِ بأحوالِ الدُّنيا، ولكنَّ الإنسانَ قد يَسْهو فيها، فيَنقُصُ أو يَزيدُ في بَعضِ أفعالِها، وهذا السَّهوُ يَحتاجُ إلى ما يَجْبُرُه، وقد شرَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَجدَتَيِ السَّهوِ لمِثلِ ذلك.وفي هذا الحديثِ يَروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلَّى بهم إحدى صَلاتَيِ العَشِيِّ: الظُّهرَ أوِ العصرَ، فصلَّى رَكعتينِ ثُمَّ سلَّمَ، ثُمَّ قام فاتَّكأَ إلى خَشبةٍ مَوضوعةٍ بِعُرضِ المسجدِ، ووضَعَ يَدَه اليُمنَى على اليُسرى وشَبَّكَ بيْن أصابعِه، ووضَعَ خدَّه الأيمنَ على ظَهْرِ كَفِّه اليُسرى، كأنَّه مُغضَبٌ، وكان قد خرَجَ مِن المسجدِ الَّذينَ عادتُهم أنْ يَخرُجوا سَريعًا بعدَ الصَّلاةِ؛ ظَنًّا منهم أنَّ الصَّلاةَ أصبحَتْ رَكعتينِ، وكان أبو بَكرٍ وعُمرُ رَضيَ اللهُ عنهما مِمَّنْ صلَّى خلْفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولكنَّهما خَشِيَا تَكليمَه في هذا الأمرِ مَهابةً واحترامًا له، فكلَّمَه رجُلٌ يُقالُ له: ذو اليدينِ، فقال له: يا رسولَ الله، أَنَسيتَ أمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لم أَنْسَ ولم تُقْصَرْ، وهذا ظنٌّ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لم يَقَعْ في السَّهوِ، ثُمَّ سَأَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المصلِّينَ وَراءهَ: هل حدَثَ أنِّي صلَّيتُ اثنتينِ فقطْ؟ فقالوا: نعمْ، فتَقدَّمَ إلى مَكانِ الإمامِ، فصلَّى رَكعتينِ تَكملةً للأربعةِ المفروضةِ، ثمَّ تَشهَّدَ، ثُمَّ سلَّمَ، ثُمَّ كبَّرَ وسجَدَ لِلسَّهوِ سَجدتينِ ثمَّ سلَّمَ، وتَكونُ السَّجدتانِ جَبْرًا لِلسَّهوِ والنِّسيانِ وجَبْرِ ما فاتَه مِن نَقْصٍ، كما تَكونانِ تَرغيمًا للشَّيطانِ إذا لم يكُنْ نقَصَ شَيئًا في صَلاتِه، فالشَّيطانُ لبَّسَ على المسلِمِ صَلاتَه وتَعرَّضَ لإفسادِها ونَقْصِها، فجَعَلَ اللهُ تعالَى للمُصلِّي طَريقًا إلى جَبْرِ صَلاتِه وتَدارُكِ ما لَبَّسَه عليه، وإرغامِ الشَّيطانِ ورَدِّه خاسئًا مُبعَدًا عن مُرادِه، وكَمَلَت صَلاةُ ابنِ آدَمَ.
وفي الحَديثِ: أهمِّيَّةُ سُجودِ السُّهوِ، ومَشروعيَّتُه قبْلَ التَّسليمِ.