باب السواك من الفطرة
بطاقات دعوية
حدثنا يحيى بن معين، حدثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء - يعني الاستنجاء بالماء - "، قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون «المضمضة»
جمعت شريعة الإسلام من كل شيء أحسنه، وهي موافقة في تشريعاتها كلها للفطرة النقية الطاهرة من كل خبث، ومن ذلك سنن الفطرة التي تعتني بنظافة الإنسان باطنا وظاهرا
وفي هذا الحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من خصال الفطرة -وهي أصل الخلقة التي يكون عليها كل مولود، والمراد بها: السنة وأصل الإسلام- عشر خصال، الأولى: «قص الشارب»، وهو الشعر النابت على الشفة العليا، والمراد تهذيب شعر الشارب، والأخذ منه ما يزيد على شفة الفم العليا، فيقص حتى يبدو طرف الشفة، وقد وردت روايات أخرى فيها الأمر بحفه وجزه كذلك، والمعنى واحد، ومنها: حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خالفوا المشركين؛ وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب»
والثانية: «إعفاء اللحية»، أي: إرسالها وتوفيرها، ويكون بترك الشعر النابت على الذقن والخدين وعدم الأخذ منه
والثالثة: «السواك»، وهو عود يقطع من جذور شجرة الأراك، ويستخدم في تنظيف الفم والأسنان، ويطيب الفم، ويزيل الروائح الكريهة
والرابعة: «استنشاق الماء»، وهو إدخال الماء في الأنف، ثم نثره مرة أخرى؛ ليخرج ما فيه من أذى وقذر
والخامسة: قص ما طال من أظفار اليد والقدم، وتقليمها، وعدم تركها طويلة تركا يتجاوز به أربعين ليلة، كما عند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه؛ لأنها مظنة الأوساخ والضرر
والسادسة: «غسل البراجم»، أي: مفاصل الأصابع وعقدها، ويكون غسلها بتنظيف الأوساخ التي تجتمع فيها
والسابعة: «نتف الإبط»، أي: إزالة ونزع الشعر النابت تحت الإبط، والأفضل فيه النتف لمن قوي عليه، ويحصل أصل السنة بإزالته بأي وسيلة كانت، كالحلق وغيره
والثامنة: «حلق العانة»، وهو إزالة الشعر الذي على الفرج والعورة
والتاسعة: «انتقاص الماء»، وهو التطهر بالماء بعد قضاء الحاجة، كما فسره وكيع في آخر الحديث بأنه الاستنجاء، أو هو رش الماء على الفرج بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس
قال زكريا -وهو ابن أبي زائدة-: قال مصعب -وهو ابن شيبة-: ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة، وهي إدارة الماء في الفم ثم مجه وإخراجه منها؛ فيغسل الفم بالماء كلما استلزم الأمر ذلك، وخاصة بعد الطعام وأكل ما له رائحة
وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه ذكر من سنن الفطرة (الختان)، وهو قطع القلفة التي تغطي الحشفة من ذكر الرجل، وقطع بعض الجلدة التي في أعلى الفرج من المرأة التي كالنواة أو كعرف الديك
ولا شك أن هذه الخصال يتعلق بها أمور دينية ودنيوية، مثل تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلا، والاحتياط للطهارة، وحسن مخالطة الناس بكف ما يتأذى بريحه عنهم، ومخالفة شأن الكفار من المجوس واليهود والنصارى