باب الشرب قائما2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة
عن جدة له يقال لها: كبشة الأنصارية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها قربة معلقة، فشرب منها وهو قائم، فقطعت فم القربة؛ تبتغي بركة موضع في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1)
كان الصَّحابةُ والتَّابِعون مِن أشَدِّ النَّاسِ حُبًّا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأشَدِّهم الْتِماسًا وتَتبُّعًا لآثارِه، وكانوا يَتبرَّكون بذلِك.
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ الصَّحابيَّةُ كَبْشةُ الأنصاريَّةُ رَضِي اللهُ عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم دخَل عليها، وعِندَها قِرْبةٌ مُعلَّقةٌ"، والقِرْبةُ: ما يُصنَعُ مِن جُلودِ الحيَوانِ مِن أجْلِ حِفْظِ ماءِ الشُّربِ فيها، "فشَرِب مِنها، وهو قائمٌ، فقَطَعَتْ فَمَ القِرْبةِ تَبتَغي برَكةَ موضِعِ فِي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، وإنَّما قطعتْ فَمَ القِرْبةِ؛ لتَحتفِظَ به وتَتبرَّك به.
وقد ورَدَ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم النَّهيُ عن الشُّربِ مِن فَمِ السِّقاءِ؛ فقيل: إنَّ شُرْبَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن فَمِ القِرْبةِ لعلَّه كان لعُذرٍ؛ كأنْ يكونَ لم يَجِدْ إناءً لِيَشرَبَ مِنه، أو لم يتَمكَّنْ مِن الشُّربِ بكَفِّه، وذلك بخِلافِ الشُّرْبِ مِن فَمِ السِّقاءِ لغيرِ عُذرٍ وهذا هو المنهيُّ عنه، وقيل غيرُ ذلك.
وفي الحديثِ: جوازُ الشُّربِ قائمًا.