باب الشركة في الطعام وغيره
بطاقات دعوية
وعن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق، فيشتري الطعام، فيلقاه ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم، فيقولان له:
اشركنا (15) فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة، فيشركهم، فربما أصاب الراحلة كما هي، فيبعث بها إلى المنزل
المُبايَعةُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هي المُعاقَدةُ على الإسلامِ والتَّعهُّدُ بِالْتزامِ أحكامِه، وهي بعْدَ ذلك في حَقِّ الحُكَّامِ تَعاقدٌ وتَعاهُدٌ على الْتِزامِ الطَّاعةِ في غَيرِ المَعصيةِ، وعدَمِ الخروجِ عَن هذه الطَّاعةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ عبدُ اللهِ بنُ هِشامٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه أدْرَكَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو طِفلٌ صَغيرٌ، قيل: قبْلَ وَفاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسِتِّ سَنواتٍ، فذهَبَتْ به أمُّه الصَّحابيَّةُ زَينَبُ بنتُ حُمَيدٍ رَضيَ اللهُ عنها لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، بايِعْهُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «هو صَغيرٌ»، يعني: غيرُ بالِغٍ، والبَيعةُ لا تكونُ إلَّا على البالغِ العارفِ بأحكامِها وَواجباتِها، ثُمَّ مسَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأْسَه ودَعا له بالبَرَكةِ، ومِن أجْلِ هذا الدُّعاءِ كان عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ وعبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ رَضيَ اللهُ عنهم إذا لَقِيَا عبدَ اللهِ بنَ هِشامٍ رَضيَ اللهُ عنه في السُّوقِ وقدِ اشْتَرى طَعامًا، يَقولانِ له: «أَشرِكْنا»، أي: اجْعَلْنا شَريكَينِ لك في صَفقاتِك وتِجارتِك؛ لِمَا يَعلَمانِه مِن بَركةِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيَجعَلُهم شُرَكاءَ مَعَه فيما اشْتَراهُ، فربَّما أصابَ مِن الرِّبحِ الرَّاحلةَ كما هي بتَمامِها، فَيَبعَثُ بها إلى المنزلِ، والرَّاحلةُ: الدَّابَّةُ الَّتي يُحمَلُ عليها، يعني: ربَّما وقَعَ له مِن الرِّبحِ في إحْدى صَفقاتِه ما يُقدَّرُ بالدَّابَّةِ المُحمَّلةِ بالطَّعامِ، وذلك ببَرَكةِ دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: مَنقَبةٌ ظاهرةٌ لعبدِ اللهِ بنِ هِشامٍ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: دُخولُ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم في السُّوقِ لطَلَبِ المَعاشِ، وطلَبُهم البركَةَ حَيْثُ كانَت.