باب الصلاة إلى الأسطوانة
بطاقات دعوية
عن يزيد بن أبي عبيد قال: كنت آتي مع سلمة بن الأكوع، فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف، فقلت: يا أبا مسلم! أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة، قال: فإني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الصلاة عندها (62).
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصينَ أشَدَّ الحِرصِ على اتِّباعِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهَدْيِه وأثَرِه.وفي هذا الحَديثِ يَحكي التابِعيُّ يَزيدُ بنُ أبي عُبَيدٍ أنَّه كان يأتي مع سَلَمةَ بنِ الأكوعِ رَضيَ اللهُ عنه إلى مَسجِدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان سَلَمةُ يُصَلِّي عِندَ الأُسطوانةِ، وهي السَّارِيةُ التي عِندَ المُصحَفِ، وهو مُصحَفُ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه، وهذا يَدُلُّ على أنَّ المُصحَفَ كان له مَكانٌ خاصٌّ به، قيلَ: هذه الأُسطوانةُ الظاهِرُ أنَّها مِن أُسطواناتِ المَسجِدِ القَديمِ الذي يُسَمَّى الرَّوضةَ، وكان في الرَّوضةِ أُسطوانَتانِ، كُلٌّ منهما يُقالُ: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يُصَلِّي إليها: الأُولى هي الأُسطوانةُ المُخَلَّقةُ، وتُعرَفُ بأُسطوانةِ المُهاجِرينَ، وهي مُتوَسِّطةٌ في الرَّوضةِ، والثانيةُ أُسطوانةُ التَّوبةِ، وهي التي رَبَطَ فيها أبو لُبابةَ نَفْسَه حتى تابَ اللهُ عليه.فسَأَلَ يَزيدُ بنُ أبي عُبَيدٍ سَلَمَةَ بنَ الأكوعِ: لماذا يَقصِدُ الصَّلاةَ عِندَ هذه الأُسطوانةِ؟ فأخبَرَه سَلَمةُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه رأى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتحَرَّى الصَّلاةَ عِندَها، فهو يَتتبَّعُ آثارَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقد وَرَدَ في رِوايةِ ابنِ ماجَه التَّصريحُ بأنَّ هذه الصَّلاةَ كانت تطَوُّعًا.وفي الحَديثِ: دَليلٌ على أنَّه لا بأسَ أنْ يَلزَمَ المُصَلِّي مَكانًا مُعَيَّنًا مِنَ المَسجِدِ يُصَلِّي فيه تَطَوُّعًا.