باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به 2
بطاقات دعوية
عن أُمِّ هانئٍ بنت أبي طالب قالت: ذهبتُ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتحِ، فوجدتُه يَغتسِلُ [في بيتها]، وفاطمةُ ابنتُه تسْتُرُه، قالت: فسلَّمتُ عليهِ فقالَ: مَن هذه؟ فقلتُ: أنا أُمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالبٍ، فقالَ: مرْحباً بأمِّ هانئٍ. فلما فرَغ من غُسلهِ (ومن طريق ابن أبي ليلى قال: ما أَخبرنا أَحدٌ أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى، غيرُ أمِّ هانئ، فإنها ذكَرَتْ أنه) قامَ فصلَّى ثمانيَ ركَعاتٍ، [قالت: لم أَرَه صلى صلاةً أَخَفَّ منها، غير أنه يُتِمُّ الركوعَ والسجود]، ملتحِفاً في ثوبٍ واحدٍ، فلما انصرَف قلتُ: يا رسولَ اللهِ زعَمَ ابنُ أُمِّي [علي] أنه قاتلٌ رجُلاً قد أَجَرْتُه؛ فلانُ ابنُ هُبيْرةَ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
" قد أَجَرْنا مَن أَجَرْتِ يا أمَّ هانئٍ! ". قالت أمَ هانئٍ: وذاكَ ضُحىً.
الأَمانُ عَهدٌ يُعطِيه أحدُ المُسلِمينَ لشخصٍ كافرٍ، ويَأْمَنُ هذا الشَّخصُ بمُوجَبِ هذا الأمانِ على نَفْسِه ومالِه.
وفي هذا الحَديثِ تخبِرُ أمُّ هانئٍ بِنْتُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنها -وهي بنتُ عمِّ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّها ذهبَتْ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عامَ الفَتحِ، وهو العامُ الثَّامنُ مِن الهِجرةِ، وفي روايةِ صحيحِ البُخاريِّ أنَّ ذلك كان يَومَ الفتحِ في وقْتِ الضُّحَى، ويكونُ بعْدَ شُروقِ الشَّمسِ قَدْرَ رُمْحٍ إلى قُبَيلِ الظُّهرِ، وكان ذلك في بَيتِها كما في روايةِ صحيحِ البُخاريِّ؛ فوَجَدَتْه يَغتسِلُ وفاطِمةُ ابنتُه رَضيَ اللهُ عنها تَسْتُرُه بسِتْرٍ عن الأعيُنِ؛ حتَّى لا يَنكشِفَ، فألْقَتْ عليه السَّلامَ، فسَأل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنها، فأخبَرَتْه أنَّها أمُّ هانئٍ؛ فرحَّب بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.ثمَّ أخبَرَتْ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَمَّا فَرَغ مِن غُسلِه صَلَّى ثَمانيَ رَكَعاتٍ مُلْتَحِفًا في ثَوبٍ واحدٍ، يعني: يَلُفُّ عليه ثوبًا واحدًا، وصُورةُ ذلك: أن يَجعلَ طَرَفَ ثَوبِه الأيمنَ على عاتِقِه الأيسرِ، ويجعلَ طَرَفَ ثَوبِه الأيسرَ على عاتِقِه الأيمنِ، ثُمَّ يَربِطَ الطَّرَفَينِ على صدرِه، وهو ما يُسمَّى بالاشتِمالِ؛ حتَّى يَكونَ أحكَمَ لسَترِ العَورةِ.فلمَّا أَنْهَى صَلاتَه قالتْ له: زَعَم ابنُ أُمِّي -تَقصِدُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ- أنَّه سيَقتُلُ رجُلًا قد أَعْطيتُه الأمانَ وأَدْخلتُه في جِواري، فقال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَعطَيْنا الأمانَ لِمَنْ أَعْطَيْتِه أمانَكِ، قالتْ أمُّ هانئٍ: وذاك وَقْتَ الضُّحَى.
وفي الحديثِ: إعطاءُ المرأةِ الأمانَ والجِوارَ للمُشركِ.
وفيه: ما كان عليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الأخلاقِ الجَميلةِ الحَسنةِ، وصِلَةِ الرَّحِمِ، وطِيبِ الكلامِ، وطِيبِ العِشْرةِ، والتَّرحيبِ بالزَّائرِ.
وفيه: مشروعيَّةُ صَلاةِ الضُّحى.