باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة، ومن تستر فالتستر أفضل
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال:
" بينا أيوب يغتسل عريانا، فخر عليه [رجل (7) 8/ 197] جراد من ذهب، فجعل أيوب يحتثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى وعزتك [يا رب!] ولكن لا غنى بي عن بركتك".
أحَلَّ اللهُ سبحانَه وتعالَى لِعبادِه الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ، وأمَرَهم بشُكرِ نِعمتِه؛ فالعبدُ إذا أدَّى حقَّ المالِ وشَكَرَ المنعِمَ فقدْ أدَّى ما عليه، والأنبياءُ هم أكمَلُ النَّاسِ وأكثرُهم شُكرًا وأداءً لِحقِّ النِّعمةِ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ نبيَّ اللهِ أيُّوبَ عليه السَّلامُ كان يَغتسِلُ مرَّةً عُريانًا ولكن بعيدًا عن الأعيُنِ، فنَزَلَ عليه مِنَ السَّماءِ جَرادٌ مِن ذهبٍ مُعجزةً مِنَ الله تعالى، فجعَلَ أيُّوبُ عليه السَّلامُ يأخذُ بيَدِه ويَرْمي في ثَوبِه، فقال له اللهُ تعالى: «يا أيُّوبُ، ألمْ أكُنْ أَغنيْتُك عمَّا ترى»، وهذا ليسَ بعِتابٍ منه تعالَى، بل مِن قَبيلِ التَّلطُّفِ والامتحانِ بأنَّه هل يَشكُرُ على ما أُنْعِمَ عليه فيَزيدَ في الشُّكرِ؛ ولذلك أقسَمَ أيُّوبُ عليه السَّلامُ بعِزَّةِ الله أنَّه يَعترِفُ ويُقِرُّ بنعمةِ الله عليه، ثمَّ قال: ولكنْ لا غِنى لي عن بَرَكتِك، فمُحالٌ أنْ يكونَ أيُّوبُ صلَواتُ اللهِ عليه وسلامُه أخَذَ هذا المالَ حُبًّا لِلدُّنيا، وإنَّما أخَذَه كما أخبَر هو عن نفْسِه؛ لأنَّه بَرَكةٌ مِن ربِّه تعالى؛ لأنَّه قريبُ العَهدِ بِتكوينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، أو أنَّه نِعمةٌ جديدةٌ خارقةٌ لِلعادةِ، فيَنبغي تلقِّيها بالقَبوِل، مع إظهارِ أنَّه فقيرٌ إلى ما أنزَلَه اللهُ مِن خَيرٍ، وفي ذلك شُكرٌ على النِّعمةِ، وتعظيمٌ لِشأنِها، وفي الإعراضِ عنها كُفرٌ بها.وفي الحديثِ: مشروعيَّةُ الحِرصِ على المالِ الحَلالِ.وفيه: بيانُ فَضْلِ الغِنى لِمَن شَكَر؛ لأنَّه سمَّاه بَرَكةً.