باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض
بطاقات دعوية
عن أم عطية (ومن طريق محمد بن سيرين قال: توفي ابن لأم عطية رضي الله عنها، فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به، و 2/ 78) قالت: كنا ننهى (61 - وفي رواية: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -6/ 187) أن نحد (وفي رواية: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد) على ميت فوق ثلاث؛ إلا على زوج؛ أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل، ولا نتطيب، (وفي رواية: ولا نمس طيبا إلا أدنى طهرها إذا طهرت) ولا نلبس ثوبا مصبوغا؛ إلا ثوب عصب. وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار. وكنا ننهى عن اتباع الجنائز، [ولم يعزم علينا 2/ 78].
[قال أبو عبد الله: القسط والكست مثل الكافور والقافور. (نبذة): قطعة 6/ 186].
لقدْ ضَبطَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ الغرَّاءُ كلَّ أُمورِ الحَياةِ؛ ففي كُلِّ شَأنٍ ومَرحلةٍ في الحَياةِ أحكامٌ؛ فجُعِلَ لِلحيِّ أحكامٌ، وللمَيتِ أحكامٌ، ولِأهلِه أحكامٌ، علَيهم أنْ يَقوموا بها.
وفي هذا الحَديثِ تقولُ أمُّ عَطِيَّةَ نُسَيبةُ بنتُ الحارِثِ رَضِي اللهُ عنها: «كنَّا نُنهَى»، أيْ: يَنْهانا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعْشَرَ النِّساءِ «أن نُحِدَّ على ميِّتٍ» أيًّا كان؛ والدًا أو أخًا أو ابنًا أو أيَّ قريبٍ، ما يزيدُ على ثلاثةِ أيَّامٍ، «إلَّا على زَوجٍ» سواءٌ المدخولُ بها وغيرُها، فنترُكَ الزِّينةَ والطِّيبَ وغيرَ ذلكَ مما تَتزيَّنُ بِه النِّساءُ المتزوِّجاتُ أربعةَ أشهُرٍ وعشْرًا، «ولا نَكتحِلَ» في العينِ للزِّينةِ، «ولا نَطَّيَّبَ» بالرَّوائِحِ العِطريَّةِ وغَيرِها، «ولا نَلْبَسَ ثَوبًا مَصبوغًا إلَّا ثَوبَ عَصْبٍ»، وهو نَوعٌ مِن الثِّيابِ اليمنيَّةِ يُصبَغُ قبْلَ أنْ يُنسَجَ، أو المرادُ ثوبٌ يُشَدُّ على مكانِ خُروجِ دَمِ الحَيضِ حتى لا تتلوَّثَ به. وهذا كلُّه نهْيٌ عن الزِّينةِ الَّتي تتَزيَّنُ بها النِّساءُ عادةً؛ وذلك لإظهارِ قدْرِ الزَّوجِ والحُزنِ عليه، حتَّى تَنقضيَ العِدَّةُ، وحتَّى لا يَطمَعَ فيها أحدٌ.
وذكرت أمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ رخَّصَ لهنَّ عندَ الطُّهرِ من الحَيضِ، إذا اغتَسلَتِ الواحِدةُ منهنَّ مِن محيضِها، في «نُبذةٍ» يعني قِطعةٍ صغيرةِ مِن «كُسْتِ أظْفارٍ»، وهو نَوعٌ من الطِّيبِ والعُطورِ، حتى يَتطيَّبَ الموضعُ وتزولَ الرائحةُ الكريهةُ.
قالت: «وكنَّا نُنهى عنِ اتِّباعِ الجنائزِ»؛ وذلك لِمَا يُحْدِثْنه مِن فِتنةٍ، ولعدمِ صَبرهنَّ وجَزعهنَّ.
وفي الحَديثِ: بيانُ عُلوِّ منزلةِ الزَّوجِ؛ إذ لا يُعتَدُّ على غيرِه بأكثرَ مِن ثَلاثِ لَيالٍ، ويُعتَدُّ مِن وفاتِه أربعةَ أشهرٍ وعَشرًا؛ لاستبراءِ الرَّحِم وغيرِ ذلك.